العارف، واستمر ذلك فى ذريته إلى الآن، فللمكتب من طرفهم جراية كل صبح وثريد كل عشية وبعض إعانات، وله قيم وناظر، وذريته إلى اليوم لهم شهرة واعتبار عند الحكام والعرب ولهم قصور مشيدة ودوائر متسعة، وكان أحدهم وهو محمد أفندى ناظر قلم دعاوى بهذه المديرية ثم عزل سنة ١٢٩١.
وفى الجبرتى أنه كان للشيخ العارف رزقة مرصدة؛ ستمائة فدان يزرعها وينفق منها على الفقراء والمستحقين كأهل العلم والمتعلمين ونحوهم، وكان مشهورا كأسلافه معتقدا فى تلك الناحية وغيرهما، ومنزله محط لرحال الوافدين والقاصدين من الأكابر والأصاغر والفقراء والمحتاجين، فيقرى كلا بما يليق به ويرتب لهم المرتبات والاحتياجات، وعند انصرافهم يزوّدهم ويهاديهم بالغلال والسمن والعسل والتمر والأغنام، وهذا دأبه ودأب أسلافه من قبله على الدوام، ثم آل أمر تلك الرزقة إلى مائة فدان بعد مسح جميع الأراضى، وضم إقطاعات الملتزمين من الأمراء والهوارة إلى جانب الديوان، وذلك فى سنة ثمان وعشرين من القرن الثالث عشر، وكذلك ضمت يومئذ الرزق الإحباسية والمرتبات المرصدة على الجهات ومصاريف الولاية، ورتب من طرف الديوان للمساجد ونحوها ما يكفيها، انتهى من الجبرتى بالمعنى.
وبجوار جامع العارف المذكور مدافن لبعض الصناجق والأمراء، منهم كما فى الجبرتى مراد بيك، قال: إنه مات بالطاعون بالوجه القبلى فى رابع ذى الحجة سنة ألف ومائتين وخمس عشرة ودفن بسوهاج عند الشيخ العارف، وأقيم عزاؤه عند زوجته نفيسة بالقاهرة وبنت له قبرا بالقرافة الصغرى، قرب الإمام الشافعى بجوار قبر على بيك وإسمعيل بك، ولم تنقله به، انتهى.
وبين قصر المديرية وجامع العارف مساحة متسعة محفوفة من جهة البحر بأشجار اللبخ فى أحسن وضع، وتحته مرسى للسفن فى غاية الانشراح والاعتدال.