للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شيئا، يسمى «بالبقمة» وهو من بزر الكتان، فبعد ذلك بجمعة تصير جميع البرك ممتلئة من هذه السميكات امتلاء يفوق وصفه، وهو الذى يسمونه بيساريا، وهو مثل السمك الصغير الموجود هناك فى باريس، وقد رأيته وأكلته مطبوخا حسب طبخ مصر، وهو واحد سميكات متنوعة الأجناس، غير أن منه جنسا يسمونه راى علامته أنه أبيض براق كالفضة وطرف ذيله أحمر فهذا الذى يملحه أهل مصر ويسمونه صيرا، وفى البلاد الفوقانية من الصعيد يعظم ويكبر حتى يصير مقدار شبر أو أكثر ويملحونه ويجلبونه إلى مصر، ففى الصعيد يسمونه رشالا، وفى مصر يسمونه الملوحة.

فإذا البيسارى وجدناه فى بلاد كثيرة، وأما نوع الراى فقد سمعنا من مؤرخى مصر وعلمائها أنه لا يوجد فى غير النيل وهذا حق، فإنى ما وجدته فى غير مصر، بخلاف البيساريا فقد أكلتها فى عدة أنهر من بلاد الشام وحلب، وفى هذه البلاد أيضا.

وعجيب عدم تفرقة المقريزى بين الراى والبيساريا، وكيف لم يشرح حقيقة كل منهما، ولعله كان هذا السمك فى مدته غير متميز بخلاف وقتنا هذا فلا يملحون إلا الراى فقط.

والبيساريا يأكلونه طريا ويقولون إنه لا يصلح للتمليح، مع زعمهم أن الراى نقى الباطن جدا بخلاف البيساريا، وذلك حق، فإنى رأيت الطباخين بمصر يعتنون بتنظيف باطن البيساريا ويطبخون الراى من غير أن يفتحوا باطنه، ودائما قيمة الراى أكثر من قيمة البيساريا، وقد تكلم هيرودوط على كثرة السمك المستخرج من برك النيل وخلجانه فقال: وفى الفروع الخارجة من النيل يسير السمك صفا واحدا فى هيئة قطيع الغنم ويكثر فى البرك، فإذا طلب السفاد يقصد البحر، وتكون الذكور فى الأمام فتخرج لقاحها فى الماء فتلتقطه الإناث