بنحو مائة وخمسة وثلاثين ألف متر، تستغرق بالسير المعتاد للإبل نحو ثلاثين ساعة باعتبار أن الجمل يقطع فى الساعة الواحدة أربعة آلاف متر، وطول هذه المدينة اثنتان وثلاثون درجة واثنتان وأربعون دقيقة، وعرضها تسع وعشرون درجة وسبع وخمسون دقيقة وإحدى وخمسون ثانية، وقد خلفت مدينة القلزم التى سيأتى الكلام عليها، وذكرها المقريزى فى الكلام على القلزم فقال: إن مدينة القلزم قد خربت ويعرف الآن موضعها بالسويس، انتهى.
ولم نقف على تاريخ تجددها، ولا متى سميت باسم السويس، ولا على سبب تسميتها بذلك، وإنما يؤخذ من كلام المقريزى أن اسم القلزم كان باقيا لها فى زمن الفاطميين، فقد نقل عن المسبحى فى حوادث سنة سبع وثمانين وثلثمائة ما نصه: وفى شهر رمضان سامح أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله أهل مدينة القلزم بما كان يؤخذ من مكوس المراكب، انتهى.
ولأهمية موقعها من الديار المصرية من حيث تحصينها وسد عورتها من هذه الجهة ومرور الحجيج عليها صادرا وواردا وكثرة المتاجر الواردة على ميناها كان لها أهمية فى جميع الأعصر، وفيها دائما من طرف حاكم مصر رباط من العسكر المحافظين، ولها حاكم يقيم بها، ومحل للجمرك تؤخد فيه عوائد البضائع الواردة إلى مصر، ولوقوعها فى النهاية الشرقية من مصر كان ينقل إليها من مصر على الحيوانات ما يلزم إيصاله إليها، حتى المراكب التى يقتضى الحال إنشاءها بميناها وقد حصل ذلك غير مرة، فمن ذلك ما فى حوادث سنة ٩٢٧ من ابن إياس أن الأمير تنم الناظر من طرف ملك الأمراء على وقف الدشيشة كان قد صنع مركبا عظيمة فى الجزيرة الوسطى؛ لينقلها إلى هناك لحمل مغل الدشيشة، وكان طولها مائة ذراع وعشرين ذراعا، وبها فرن وطاحون وصهريج للماء الحلو ومقعد واصطبل للخيل، فلما أتمها ركب إليها ملك الأمراء فى سادس عشر رجب الحرام، فتفرج عليها ثم فك أخشابها الأمير تنم