وأرسلها على ظهور الإبل إلى الطور، وقد حصل مثل ذلك زمن العزيز محمد على حين أراد بناء القصر بها.
قال الجبرتى فى تاريخه: إن محمد على باشا أرسل إلى بندر السويس فى شهر صفر سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وألف هجرية أخشابا وأدوات عمارة وبلاطا وحديدا وصنّاعا؛ بقصد عمارة قصر لخصوصه إذا نزل بها، انتهى. وقد بنى بها هذا القصر ولعله هو المجعول اليوم خانا يسمى خان البهار، وكذلك حمل إليها على ظهور الإبل عدة سفن حين عزمه على حرب الوهابية كما سيأتى.
ولكون الأقطار الحجازية كثيرا ما تكون تابعة لحكومة مصر كانت هذه البلدة موردا للعساكر المصرية وذخائرها فى تردّدها بين مصر والحجاز، ومع كل ذلك كانت بليدة صغيرة لا يسكنها إلا القليل من أهل الحجاز والطور ومصر، وإنما يكثر بها العرب فى زمن موسم الحج لبيع أشيائهم، ثم يتفرقون إلى أوطانهم لعدم وجود الماء العذب بها، وإنما كان أهلها يشربون من عيون مستملحة بعيدة عنها؛ كعين غرقدة وعيون موسى ونحوها.
قال بعض من وصف تلك الجهة: إن العيون التى كان ينتفع بها أهل مدينة السويس بعيدة عنها بمسافات مختلفة، فعلى ستة آلاف متر توجد بئر السويس، وهى مستعملة لشرب الحيوانات غير الآدميين لملوحتها، وعلى تسعة عشر ألف متر فى شمال السويس بئر عجرود، عمقها سبعون مترا وعلى سبعة آلاف متر تجاه السويس، فى الجهة الشرقية عين غرقدة، وفى الشرق أيضا على ستة عشر ألف متر عين تعرف بعين بهوق، عندها مجرى ماء قديم تدل آثاره على أنه كان واصلا إلى السويس، وعلى نحو عشرة آلاف متر فى الجهة الغربية عين تعرف بعين الهضب، وعلى ستة وثلاثين ألف متر فى أسفل جبل أبى دراجية عين عذبة الماء غزيرة، وبين أبى دراجية وجبل عتاقة توجد مياه بكثرة، وهناك أثر سواق ومحل زراعة.