للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولما جرت بين الناس أسباب الائتلاف، وحصلت زيادة الأمن كثر ورود مراكب الإنكليز فى البحر الأحمر بتجارتهم، لقرب هذه الطريق عن طريق عشم الخير، وكان ذلك هو السبب فى فتح القنال أيضا، وحيث لم يتم أمر السكة الحديد استعملوا الجمال فى نقل بضائعهم من الفحم وغيره بطريق السويس إلى القاهرة، ومنها إلى الإسكندرية فى مراكب النيل.

وأما السيّاحون فكانوا يأتون من السويس إلى مصر فى عربات عملت لذلك تجرها الخيل، وجعل لذلك ديوان يسمى ديوان المرور، محله الآن سوق الخضار بالأزبكية، وكان ذلك فى سنة ١٨٤٥ ميلادية، وأوّلا قسمت الطريق أربع محطات، ثم جعلت خمس عشرة محطة، منها ثلاث محطات للأكل والاستراحة، وعمل فيها صهاريج للماء.

ولما كانت الطريق قد تخفى معالمها بعروض الرمال التى تثيرها الرياح أمر المرحوم عباس باشا زمن أخذه بزمام مصر بإصلاحها وتحجيرها؛ أى دكها بحجر الدبش والدقشوم والرمل، فعقدت المقاولة فى سنة ١٨٤٩ ميلادية على الجزء القريب من القاهرة من ابتداء بوّابة الحسينية، وجعل عرض الطريق ثلاثين مترا، وسمك الدبش والدقشوم أربعين جزأ من مائة من المتر، ومكعب الدقشوم ٦٠،٥ سنتيمتر، فأوّلا وضع دقشوم صغير، ثم مرّ عليه بطنبور تسحبه الحيوانات، ثم وضعت طبقة الدبش والدقشوم مكعبها ١٥ سنتيمتر، وفوق ذلك طبقة من الرمل والطين، ثم مرّ عليه بالطنبور، وبهذه الأعمال صارت الطريق غاية فى الحسن والسهولة مع الاعتدال، ثم بعد ذلك ظهر للمهندسين أنه يكفى أن يكون مكعب الدقشوم ١٨ سنتيمتر أو ٢٠، وقد جرب فى ذلك حجر الصوّان والحجر الأحمر وحجر الدبش الأبيض، فظهر أن أحسنها الدبش، لأنه يختلط بالرمل والطين ويتماسك معهما، حتى يتكوّن من الثلاثة طبقة صلبة تدوم أكثر من الحجر الصرف، لكن مصاريفه أكثر، فقد بلغت مصاريف المتر المكعب من الحجر الصوان ومن الزلط الأحمر من عشرة افرنكات وثلث