للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأهالى، لما ارتكبوه من الرذائل، وقوى العسكرية كانت قد انحلت وصارت على غير القانون، حتى احتقرت الدولة الفرانساوية عند باقى الدول، لأن جميع الأعين كانت ناظرة جهة نابليون وحده فكان أحباء الوطن يتمنون عوده لينتظم عقدهم ويجتمع شملهم، فبحلوله هناك شرع فى ترتيب القوانين وإصلاح ما أفسدته أيدى الغفلات، ووافقه على رأيه خلق كثير.

ومع أن بعض القناصل كان قد آل له أمر الحل والعقد لكن صار نابليون هو الآمر الناهى، بحيث كانوا لا يجرون شيئا إلا برضاه، وتحقق ذلك وظهر للعيان من حين انتقاله إلى سراى النولورى، واتخذها مسكنا له وفيها رتب المجالس للنظر فى سياسة الملة. ومن حينئذ انتظم أمر الأمة وحصل الأمن وزالت زوابع الأهوال، ونمت الثروة فى الأهالى، واشتغل كلّ بمصالحه، ووقع فى قلوب الناس أنهم فى جمهورية منتظمة الأركان.

ولما رأى توجه القلوب إليه اشتد عزمه وقوى جأشه وعزم على حرب بلاد أوربا فنظم الجيوش على الفور وخرج بها على الجيوش المتراكمة خلف جبال الألب وأغار عليهم على حين غفلة، فلم تشعر عساكر النيمسا إلا وجيشه محيط بهم من كل ناحية. ومن حسن تدبيره وتفنينه فى كيفية الحرب انتصر على النيمسا نصرة مارنجو المشهورة، حتى اضطرت النيمسا والإنجليز إلى طلب الصلح، لما علموا أنه لا طائل تحت تدبيراتهم وكثرة نفقاتهم وذلك عائد عليهم بالوبال، فعقدت شروط الصلح فى مدينة لوبويل سنة ألف وثمانمائة، وصار معلوما فى جميع بلاد أوربا. وافتخرت بنابليون الملة الفرنساوية على كل مملكة ورفعته إلى درجة لم يبلغها أحد قبله.

ولما لحظ منهم ذلك وجه أنظاره إلى تحسين أحوال الملة والتصرف فى سياستها، وإزالة ما كان سببا فى انحطاطها وتقرير ما به سعدها، وبعد أن نظم القوة العسكرية والإدارة المالية وجه أنظاره نحو تقوية الجهة الجنوبية من أرض