للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكومة أن ذلك يوصل إلى تدمير قوة الإنكليز فى جهة الهند، وعدوا ذلك من أعظم ما يلزم أن تتثبت به الدولة الفرانساوية، ولم يتفكروا فى أنه إن حصل نجاح هذا الأمر واستولى نابليون على الديار المصرية يكون ذلك من أسباب زيادة مقداره فى أعين جميع الملة الفرنساوية، بحيث لا يجد عند عودته ممانعا من أن يضع يده على سرير المملكة، بدون أن يلتفت لهؤلاء الذين دبروا إبعاده وتعريضه للأهوال، فجهزوا له جيشا وسار به إلى مصر فاستولى عليها فى أمد قليل وبدد شمل المماليك، وخدمه السعد واتسعت دائرة شهرته، وامتدت غصون ذكره فى أطراف البلاد، ووصفه الخاص والعام بالشجاعة وحسن السيرة، وصار لا ينطق باسمه إلا مع التعظيم والاحترام.

ثم إنه لم يكتف بالاستيلاء على مصر بل ترك طائفة من جيشه بمصر للضبط وإجراء الأحكام وسار إلى أرض الشام بمن بقى من جيشه فاستولى على جهات كثيرة. وفى زمن قليل حاصر عكا حصارا قويا حتى كاد يستولى عليها لولا أنه بلغة أثناء ذلك حرق الدوننمة الفرانساوية فى بوقير، ولم يكن معه مدافع للحصار، فرأى أنه إن بقى محاصرا ربما أوجب ذلك أفول سعده، فرجع وأخذ فى تدبير ما يلزم عمله فى مصر، ثم ترك التصرف فى إدارتها إلى كليبر وركب البحر إلى بلاد فرانسا، من دون أن يبالى بما عساه أن يقع له من قبل الدولة الإنكليزية، التى كانت سفنها تجوب البحر الأبيض، ولولا مساعدة القضاء له لوقع فى أيديهم ولكن اقتضت الحكمة حفظه ليتم على يديه ما حصل فى الدول الأورباوية.

وفى اليوم التاسع من شهر سبتمبر من سنة ألف وسبعمائة وتسع وتسعين ميلادية بلغ سواحل فرانسا، وأخذ البوسطة وتوجه إلى جهة التخت، وقد أشيع فى المديريات والبنادر ذكر عودته فحصل للناس فرح كبير، لأن أمور الملة كانت فى مدة غيابه قد أخذت فى التضعضع، واستحق المتصرفون فيها سخط