أنها وجهت عليه ثلاثة جيوش متوالية فغلبهم فى وقعات عديدة، ودخل بلاد ميلانو من إيطاليا وضرب على حكام تلك الجهة وما جاورها الغرامات الكثيرة، وبعد أن أكمل عدد العساكر ورتب الحكام فى تلك النواحى وجعل لها القوانين الإدارية قام لملاقاة جيش النيمسا والاستيلاء على مدينة مانتو مفتاح بلاد إيطاليا، والتقى مع وورمسبير فغلبه، وكذلك حصل له مع بوالو الذى جاء لمساعدة وورمسبير، ثم انتصر على جيش ثالث أرسلته النيمسا وكان أكبر الجيوش التى قابلها إلى ذاك الوقت، وفى مبدأ الأمر فاق عليه عدوّه وحصروه فى أرض كثيرة المناقع والبرك حتى كاد يتلف، فشمر عن ساعد جده وكشف طريقين بين الجبال يوصلان إلى الجناح الأيسر من العدو، فتبعهما وسقط على عدوّه سقوط الصقر فشتت شملهم وأباد كثيرا منهم، ولحق الفرقة المشتتة فى الجبال فأسر أكثر رجالها حتى اضطرت الدولة النمساوية إلى عقد الصلح مع الدولة الفرنساوية بعد معاناة الحروب وصرف الأموال وتلف الرجال، وقد وصل هذا الشهم الصنديد فى مدة لا تزيد على عشرة أشهر إلى الاستيلاء على جميع إيطاليا، وأبطل جمهورية الونديك التى كانت قد تحزبت على فرانسا، وأرسل إلى مجلس الملة خمسين مليونا من الفرنكات عين جهات صرفها، غير ما صرفه فى المؤنة والذخيرة ولوازم الحرب. كل ذلك مما غنمه فى حروبه، وصار فى هذه المدة القليلة هو الآمر الناهى فى جميع جهات إيطاليا وفى الملة الفرنساوية، وحلت هيبته فى قلوب جميع الملل، فمن ذلك حسده أولو الأمر فى الملة الفرنساوية وخافوه وتمنوا زواله، حرصا على بقاء كلمتهم.
ثم إن مسئلة استيلاء فرانسا على مصر كانت قد وقع فيها التكلم منهم فى المدد الماضية فأعيد التكلم فيها ثانيا، وعرضت على نابليون فوافق ذلك أغراضه، وكان أرباب الحكومة يرغبون فى التخلص منه بإبعاده إلى هذه الديار الشاسعة، وكانت الدولة العلية عاضة على حبل الوداد مع الدولة الفرنساوية، والعقل لا يجوّز الهجوم على أرضها ولا يرضاه، ومع ذلك فقد رأى أرباب