للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما دانت له الرقاب وذلت له الصعاب اختير للسلطنة، وحكم له بالملك والانفراد بالسلطنة ثلاثة ملايين من الناس، فبعد أن كان فى رتبة الصف ضابطان تنقل فى الرتب فى زمن قليل حتى جلس على تخت السلطنة فى سنة ألف وثمانمائة وأربع وسنين ميلادية، فمدة القنصلاتو هى التى تخلد فيها ذكر نابليون، واستقل فيها بجميع الأعمال وأنشأ القوانين، ودبر أمور الحرب، ورتب الترتيبات الداخلية، وساس الملة بأفكاره التى لا تكل. وكانت زوجته يوسفين مدة اشتغاله بالحروب تميل له القلوب بالمعروف والإحسان، وجمعت باقى العائلات الذين دمرتهم الفتن، وبلطف طباعها، وعذوبة عباراتها أزالت عن طباعهم الخشونة والتوحش وغرست فى قلوبهم حب الألفة، فصار حولها جمعية مركبة من أعيان الناس ووجوههم، وكثر بهم حزب نابليون وازدادت قوته.

وكانت أوروبا تتعجب من جميع أطواره وتستغربها، وبتأملهم فى أحواله استدلوا على أن له مقاصد باطنية تضر بالجهات الشمالية مثل الألمانيين، لأنهم رأوا أنه مجتهد فى تخريب الجهات الجنوبية مثل إيطاليا والبيمونيتين والبلجيك، فأخذ الإنجليز والألمانيون وبلاد السويد والسور فتح فى الانضمام والتحزب، وتصدى الإنجليز لفتح باب الكفاح، وفى وقت المعمعة التى كانت تظهر للعيان كان أهل سويجرة وهولاندة مشغولين بأمر أنفسهم، بمعزل عن هذه الأحوال، بسبب وضعهم الجغرافى وبسبب تقهقر أحوال أسبانيا، كانت فى ترقب لزوال الشدة.

والذى أوجب إشعال نيران الفتنة هو إضافة نايل وحنيوه إلى فرانسا، وبالفعل انتقل إليهما نابليون واجتهد فى ضم هولاندة وسويجرة إلى حزبه، ولم يحصل هذا الغرض. وكانت الإنجليز قد وضعت يدها على جزيرة مالطة، ومنعت التجارة الفرانساوية، واستولت على ما وجدته منها فى البحر. وكان