مائتى مليون من الفرنكات من دون أن تلتفت لمطالبة فرانسا، فاشتغل فكر نابليون بأخذ البوغاز من الإنجليز، وجهز أصطولا مركبا من ألف وثمانمائة سفينة حربية ومائة وعشرين ألف عسكرى للإغارة على بلاد الإنجليز. وأخذ الإنجليز فى أهبة الدفع عن أنفسهم وضموا إليهم جميع الدول الشمالية، وبعثوا لهم بمبالغ من النقود، فقامت دولة الروسيا والنيمسا والسويد وجيشوا جيوشهم لردع الفرانساوية، فلم يعبأ نابليون بجموعهم وجيش سبعة جيوش ووجههم إلى جهة نهر الران، وبما جبل عليه من سرعة الحركة والنظر فى أحوال العدو هجم على الجيوش المتعصبة من جهات متعددة، ففرق قواها وتمكن منها، ففى وقعة واحدة قهر خمسة وثمانين ألف عسكرى من العدوّ على تسليم سلاحهم.
ثم سار على جيش النيمسا الذى تجمع فى الموراوى وفتح طوابيره على شاطئ نهر الطونا، ودبر تدبيرا حوّل به العدو إلى جهة استرليتر وانتصر عليهم نصرة عظيمة بعد انهزام جيوشه. ولم تجد النيمسا بعد هذه الوقعة حيلة للتخلص إلا طلب السلم؛ فعقدوا معه الصلح فى مدينة برسبورج.
ومن حينئذ ظهرت مملكة شاولمانى القديمة، وفرقت على رجال نابليون الإقطاعات وعلى أفراد عائلته التيجان وحصل التغالى فى الظلم، وأهملت الحقوق الشخصية، وتعطل العمل بالقوانين فى جميع الأمم المجاورة، ولم تبق محافظة على قوانينها إلا ملة الإنجليز، فقد استعملت الحيل والخداع فى المدافعة عن حريتها واستقلالها، وقد اجتهد فوكوس فى إخماد نار الفتنة وجلب علائق المحبة، فلم يمل إلى ذلك نابليون وصمم على كسر شوكة الإنجليز، فوقعت بينه وبينهم وقعة طرافنجار المعروفة، وفيها عدمت الإنجليز جميع قوتها البحرية وطردت من جميع البحار، ثم تحزبت مع دولة البروسيا ودولة الروسيا وجيشوا جيوشا كثيرة، فلم يعبأ بذلك نابليون وقام عليهم فبدد شملهم فى وقعة بينا المشهورة حتى اضطرهم على قبول شروطه، فقبلوها إلا الإنجليز فإنها لم تقبل شيئا من ذلك، وبقيت منفردة بالسلطنة على جزائرها