باريس واتحدوا مع الأعداء باطنا وفتحوا لهم المدينة ومكنوهم منها، فهمّ بقتالهم فخانه الجنرال مرمون وهوالدكدواجوس ومكن الأعداء من الحصون، فلم يبق لنابليون سوى التسليم للقضاء فحكم عليه بالنفى إلى جزيرة ألب، ومنعت عائلته من وراثة تخت فرانسا ورجعت وراثة التخت إلى عائلة بوربون، فأخذت تلك العائلة فى تجديد ما اندرس من الأحوال الأصلية وإبطال ما أحدثه نابليون، وتغيير نتائج التقلبات التى طرأت على فرانسا من وقت القيام، فكان ذلك داعيا إلى الاضطراب وتخلخل المملكة واشتعال غيظ قلوب جميع الأمراء والرعية.
ومع انتفاء نابليون بتلك الجزيرة كان يحيط علما بما يحصل فى فرانسا، فانتهز فرصة الفشل الحاصل بها وقام من الجزيرة ودخل فرانسا فى عشرين من شهر مارث سنة ألف وثمانمائة وخمسة عشر، فاجتمع عليه الأهالى وكثير من العساكر حتى كان له جيش كبير، ولما بلغ الملك خبره هرب فدخل نابليون باريس وأخذ بزمام الأحكام وأسرع بتجهيز الجيوش؛ لأن الأعداء لما سمعوا به تحزبوا وقصدوه، ووقع بينهم وبينه وقعة كبيرة فى شهر جونيو فى تلك السنة بمدينة وترلو، وكان فيها انتهاء أمره فحكم عليه بالنفى، فأخذته مركب إنكليزية من مدينة روشفور إلى جزيرة سنتليت من جزائر المحيط، فسجن هناك خمس سنين فى حبس ضيق بمحافظة قوية، حتى كان لا يتمكن من قضاء حاجة الإنسان إلا بمحافظ، ثم مات وقضى نحبه فى رأس الخمس سنين.
وفى سنة ألف وثمانمائة وأربعين كان الملك على فرانسا لويفلب، فسافر ابنه إلى جزيرة الألب وأحضر رمة نابليون ودفنت فى قبر جعل له فى العمارة التى كان أنشأها فى باريس لسقط العسكر، وجعلوا لجثته موكبا حافلا عند دخولها، انتهى.