ذلك إلا مدة بقائى فيهم، فإذا زلت زال جميع ذلك ويؤول أمر ابنى إلى أنه إن بقى له إيراد أربعين ألف فرنك يكون من السعداء، وقد حصل أنه لما ولد له ولد سماه ملك روما فاغتاظ جميع الممالك باطنا إلا مملكة الروسيا، فأظهرت الغيظ واتحدت مع الإنكليز لمحاربته، فقام نابليون وجهز أربعمائة وخمسين ألف عسكرى، ولم يسبق قبل ذلك جيش بهذا المقدار، ومشى به إلى مدينة مسكوب تخت دولة الروسيا، فقامت عليه البلاد التى فى طريقه، فقاسى ما لا مزيد عليه من الصعوبات والمشاق وقابل الأعداء وانتصر عليهم ثلاث مرات، ثم دخل مدينة المسكوب فأطلق فيها الروسيون النار وأحرقوها، فخرج منها منهزما وقد خلقت ملابس عسكره وانقطع عنهم المدد، وتبعتهم جيوش الروسيا وغيرهم فمات نحو ثلاثة أرباع جيشه من القتل والجوع والثلج، ونحو ذلك.
وفى ذلك الوقت قامت البروسيا وساعدتها الإنكليز وقامت ألمانيا وغيرها، وكانت قلوب مملكة فرانسا نفسها غير راضية عنه، لم يمنعهم من القيام عليه إلا القوة الغالبة، ومع ذلك لما دخل باريس جدد جيشا فى ظرف شهرين وتلاقى مع أعدائه فغلبهم فى وقعتين، الأولى فى مدينة لوتزن، والثانية في مدينة بوتزن، ولم يقطع ذلك تحزب الألمانيين، ومن كان منهم فى الجيش الفرانساوى كان مائلا إليهم ومستعد للحوق بهم، وتعصبت معهم البروسيا والروسيا والسويد والتحقت بهم النيمسا، وكانت قبل من حلفاء الفرانساوية وحزبهم، وطلبت أخذ ولاية قريبة منها فلم يسلم لهم نابليون، فكان ذلك سببا لرفضها المحالفة وميلها لأعدائه.
وكل ذلك لم يكترث به نابليون ولم تفتر همته، بل قام والتقى مع الأعداء فكان يحسن تدبيره فى الحروب؛ يقسم قوى الأعداء ويدهمهم من كل جهة حتى انتصر عليهم مع قلة جيشه وكثرة أعدائه. وفى أثناء ذلك خانه أهل