للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المسحوق والقرفة والعطريات، ثم يخيطون الشق ثم يملحون الجثة بوضعها فى النطرون سبعين يوما.

وقال بورفير: إنه عند تصبير جثة المعتبرين تخرج الأمعاء وتوضع فى صندوق ويعرضها أحد المصبرين على الشمس وهو يقول على لسان الميت: أيتها الشمس سلطان هذا العالم، ويا ألهة يا من أفضتم الحياة على الخلق «اقبلوا نوالى» (١) إلى أن أسكن مع الباقين، فقد أمضيت عمرى فى عبادة آلهة آبائى، ولم أتحوّل عن تعظيم من نشأ عنهم هذا الجسم، ولم أقتل أحدا ولم أسرق ولم أفعل إساءة، وإن كان حصل منى خطأ عند أكلى أو شربى فهو لهذه الأشياء يعنى الأمعاء، فهى السبب فى الخطأ. وبعد انتهاء مقالته يرمى الصندوق فى البحر.

قال بعض شارحى هيرودوط نقلا عن بعض الكيماويين أن النطرون ملح يتخذ (٢) مع الموائع الرخوة والشحم، فكان المصبرون يستعملونه لإزالة هذه الأشياء عن الأجزاء الجامدة والألياف، فالغرض من تغطية الجسم بهذا الملح تجفيفه وإزالة رطوباته، ومن ذلك يظهر أن هيرودوط لم يصف عملية التصبير على ترتيبها، فإنه لو ابتدئ بملء البطن بالمر والعطريات قبل تمليحه لكوّن النطرون مع زيت المواد البلسمية مادة صابونية عليها قابلة للذوبان فيسهل بذلك طردها بالغسل وتزول كمية العطريات جميعها، فالصواب أن التمليح بالنطرون يكون قبل وضع العطريات، فلذا قال ديودوران: المر والقرفة والمواد العطرية كانت هى آخر ما يستعمل فى التصبير، وإنما كانت أيام وضعه فى النطرون سبعين فقط، لأنها لو زادت على ذلك لأثر النطرون فى العظام والفضلات.

وبعد انتهاء التصبير على ما تقدم يغسلون الجثة ويلفونها بلفائف من قماش؛ فأوّلا تؤخذ أشرطة من القماش فتلطخ بمواد قطرانية وتلف لفا محكما على كل عضو بانفراده حتى الأصبع، ثم يوضع اليدان على الصدر، ويقرن بين


(١) فى الطبعة الأولى كتبت هكذا: «أقبلوا وانوالى». أحمد.
(٢) كذا بالطبعة الأولى، ولعلها «يتّحد». أحمد.