الذبائح مرسومة فى الحيطان، وبعضها كان معدا لدفن الحيوانات من كل جنس، وأقدم الجميع وأعظمها ما كان معدا لدفن الآدميين، وكانت عادة جميع المصريين أن لا يدفن الميت إلا بعد تصبيره كما يدل لذلك التواريخ وما عثر عليه من موميات الموتى.
وقد ذكر هيرودوط ما كان يصنع بالميت بعد موته من تصبير وتشييع، ونحو ذلك، فقال ما معناه: من عادة المصريين فى الجنائز أن الميت إذا كان من المعتبرين تسخم نساؤه وأقاربه وجوههن ورءوسهن بالطين، ويضربن على صدورهن مكشوفة ويطفن حول البلد، مع الصراخ والعويل والقول القبيح مع أقاربهن وأحبتهن من النساء، ويضرب الرجال على صدورهم أيضا كذلك. ثم يؤتى بالميت إلى محل التصبير، وللتصبير ناس مخصوصون فيعرضون على أهل الميت صورا من خشب منقوشة فى القدر الطبيعى، أعظمها صورة من لا أذكر اسمه، ثم صور أقل منها ثم أقل وهكذا، فيختار أهل الميت واحدة على حسب اقتدارهم ويتوافقون معهم على الثمن والمنصرف.
قال ديودور الصقلى: قد يبلغ ذلك إذا كان الميت من الأغنياء طالان من الفضة وهو خمسة آلاف فرنك وأربعمائة فرنك، وتبلغ الدرجة الوسطى عشرين منيا عبارة عن ألف وثمانمائة فرنك، ومصاريف الدرجة الثالثة شئ قليل، انتهى. ثم يستلم المصبرون الميت وينصرف أهله فحيث اختاروا الدرجة العليا ابتدأ المصبرون بإخراج المخ من الخياشيم بحديدة معوجة وأدوية يدخلونها فى الرأس، ثم يتقدم إليه أحد الموظفين للرسم فيرسم محل الشق فى جنبه الأيسر، ويأتى بعده الموظف للشق فيشق القدر المعين، ثم ينطلق هاربا ويتبعه الحاضرون باللعن والسب ويرمونه بالحجارة، لاعتقادهم أن عمل مثل ذلك أو أقل منه فى جسم الميت ممنوع لا يجوز، ثم تستخرج أمعاؤه وبعد غسلها توضع فى نبيذ البلح، ثم تحفظ مع عطريات مسحوقة، ثم يملئون البطن بالمر النظيف