الفقار كاشف، وكانا قد حصنا البلدة وجهاتها وبنيا عليها البوابة والكرانك وركبا عليها المدافع، فتحيل الأمراء المصريون ليلا وزحفوا إلى البوابة ومعهم انخاخ وأحطاب جعلوا فيها الكبريت والزيت، فأشعلوها وأحرقوا الباب وهجموا على البلدة، فلم يتأت لعبد الرحمن كاشف وذى الفقار كاشف منعهم لكثرتهم، فملكوها وتحصنوا بها وهرب من كان فيها. ووردت الأخبار بذلك إلى علىّ بيك فعين محمد بيك أبا الذهب وجملة من الأمراء والصناجق وكثيرا من العسكر، وسافر الجميع برا وبحرا حتى وصلوا قريبا من أسيوط ونصبوا عراضيهم عند جزيرة منقباد، فأجمع الأمراء العصاة رأيهم على أن يدهموهم فى طوق الجبل آخر الليل على حين غفلة، وخرجوا من أسيوط ليلا، لذلك فضلوا عن الطريق واستمروا كذلك حتى طلع عليهم الصبح، وصار العرضى فى جنوبهم بنحو ساعتين فلم يقدروا على الرجوع إلى أسيوط وخافوا أن يدخلها العرضى، فلم يجدوا بدا من محاربة العرضى فالتحم بينهم الحرب فى جبانة سيوط، فكانت الهزيمة على العصاة، ومات منهم كثير وفر باقيهم وملك أبو الذهب أسيوط، وآل الأمر إلى فرار همام وموته بغير بلده وسلب أمواله وخراب دياره، ورجع محمد بيك إلى مصر ظافرا، وبعد مدة خرج من مصر مغاضبا لأستاذه على بيك فلحق ببلاد الصعيد، وخلصت جميع الجهات إلى على بيك. وسنذكر ترجمة همام وابنه درويش وما وقع لهما فى الكلام على فرشوط، انتهى.
وكانت سكان سيوط من المصريين الأول كما فى كتب الإفرنج يدفنون الأموات فى مغارات فى جبل ليبيا الذى فى غربيها. وكانت به مغارات كثيرة متفاوتة فى الكبر والصغر بعضها فوق بعض، ومن ضمنها مغارة طولها نحو ستين مترا فى أربعين تسميها الأهالى اصطبل عنتر، والنقوش التى على جدران تلك المغارات تدل على أنها كانت تسكن بعضها النصارى فى مبدأ ظهور ديانتهم، وبعضها كان معابد تقرب فيه القرابين حتى أن كيفيات الذبح وإحضار