للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى مؤلفاتها بالكتان بسبب جهلهم شجرته (قلت وإلى الآن فى بلاد الصعيد يسمون ثياب القطن الغليظة بيسة) والشجرة المذكورة فى كلام جوليوس هى شجرة القطن.

وأما تشييع الميت فقال ديودور: من عادة المصريين أن أقارب الميت يعينون يوما لتشييع جنازته بقولهم: إن ميتنا سيعدى البحيرة مثلا يوم كذا؛ ليجتمع القضاة وباقى الأقارب والأحبة. وكان القضاة أكثر من أربعين معدين للحكم على الميت بالدفن أو عدمه، على حسب ما يثبت لديهم من خيره أو شره، فيجتمعون على البر الثانى من البحر على هيئة نصف دائرة، فيوضع الميت فى مركب يسمون ملاحها باسم قارون وينزل معه من يريد التعدية، وقبل وضعه فى المركب يؤدى الحاضرون شهادتهم فى حقه كل بما يعلم فيه من إحسان أو إساءة، فإن توافقت شهادتهم على أنه من أهل الخير حكم القضاة بدفنه وإكرامه، وإن توافقت على إساءته حكموا عليه بعدم الدفن، فإن ظهر كذب الشاهدين فى شهادتهم عزروا تعزيرا شديدا، فإن لم يشهد أحد بشئ أو تخالفوا فى شهادتهم أزال أقاربه شعار الحداد ويشرعون فى وصفه بالخير والصلاح والإنصاف والاحترام للآلهة وأحكام الديانة وأهلها، ويرفعون أصواتهم بذلك حتى يؤذن لهم فى دفنه، فإن كان له مقبرة دفن فيها، وإلا وضع فى أودة من بيته مسندا إلى ركن الحائط. والمحكوم عليهم بعدم الدفن إما لخطاياهم وإما لثبوت دين عليهم يوضعون كذلك فى إماكن من بيوتهم، فإن وفّى أولادهم أو أقاربهم ما عليهم من الديون أذن لهم فى دفنهم، وكثيرا ما يحصل ذلك.

ثم إن مدة الحزن والحداد كانت تختلف طولا وقصرا باختلاف الموتى فى الاعتبار وعدمه، فكانت محزنة الملوك اثنين وسبعين يوما، ومحزنة غيرهم أقل من ذلك، ويقال إن محزنة يوسف كانت سبعين يوما، انتهى.

وأما تقديس الحيوانات فقد تكلم على بعضه هيرودوط فقال ما ترجمته:

إن بلاد مصر مجاورة لبلاد الليبيا وهى قليلة الحيوانات، وما يوجد بها منها من