قبليها سبيل عنده بناء متسع تستريح عنده الواردون، وعدة حيضان تعطين الكتانى، وعنده بستان نضر مسوّر بسور متين، وذلك السبيل بناه عمدتها كدوانى، وهو رجل مشهور بالغنى، ويوجد عنده القمح الذكر اليوسفى، يقال إنه جلبه من بلاد المغرب، وقد كثر زرعه الآن فى نواح متعددة من الصعيد، وهو جيد الدقيق والخبز، وأهل مصر تفضله على غيره وتزيده فى الثمن.
وفى زمن النيل لا يتوصل إلى تلك البلدة إلا فى المراكب، وفى شرقيها جسر ممتد فى الجنوب من أسيوط إلى مديرية جرجا فيمر بناحية الشغبة، ثم بالقطيعة، ثم بباقور، ثم ببوتيج، وبينها وبين الجسر باطن منخفض، كان فى السابق متسعا يبلغ عرضه نحو ثلثمائة قصبة، وكثير منه كان مستبحرا غير صالح للزراعة بسبب عدم استيفاء عمليات الجسور وحفظ الحيضان، فكانت المياه تنصرف من أول الزيادة قبل رى الأراضى المرتفعة. وكانت ترعة السوهاجية تشق أطيان مديريتى جرجا وأسيوط بدون مانع، حتى تصب فى النيل من قطع أبى عزيز الذى فى الجسر المذكور قبلى الشغبة، بينه وبين قنطرة شطب الواقعة في ذلك الجسر نحو نصف ساعة، فبسبب قوة المياه وعدم ما يمنعها استبحر من حوض الزنار فى هذا الباطن وغيره نحو خمسة عشر ألف فدان، غير ما استبحر فى الحيضان القبلية، ونشأ عن ذلك تلف كثير من الأراضى ما بين مستبحر ومشرق ومرمل، وكان التلف كل سنة يزداد، فلما حصلت التأكيدات على حكام الجهات من طرف العزيز محمد على برم الجسور وإنشاء ما يلزم إنشاؤه من الجسور والترع والقناطر، ورتب لذلك مهندسين من الذين تربوا فى المدارس المصرية تحت ظله، فجعل محمد بك عبد الرحمن فى الأقاليم القبلية بوظيفة مهندس، فأجرى ما يلزم إجراؤه لإمكان الرى وصرف المياه عند الحاجة على الوجه الأليق-ارتفع ذلك الضرر شيئا فشيئا وقل الاستبحار، وأخذ المستبحر فى الارتدام بالطمى حتى صلح للزراعة جميعه على التدريج.