جبخانة العثمانية، وقيل أخذ باقيها، ورجع منهم قتلى ومجاريح، وانجرح عبدى بك أخو طاهر باشا، واحترق أشخاص من الطوبجية، ودخل مصر سلحدار الباشا والوالى وأمامهما رأس واحد بشوارب، واستمر الحرب إلى أن أجلوا المماليك عن هذه الناحية فتفرقوا فى النواحى وكثر نهبهم وإفسادهم، ووصلت طائفة منهم-مع كثير من العرب-إلى خارج باب النصر وظاهر الحسينية وناحية الزاوية الحمراء وجزيرة بدران جهة الحلى، ورمحوا على من صادفوه بتلك النواحى وأخذوا ما معهم، فنزل الباشا بالعساكر إلى جهة بولاق، ثم إلى ناحية الزاوية الحمراء وأغلقوا أبواب المدينة، ثم دخل الباشا بعد العصر من باب العدوى وطلع إلى القلعة، وتكررت بينهم وقائع وخروج عساكر ودخول خلافهم، ونزول الباشا وطلوعه.
وكان للمماليك متاريس ورباطات فى عدة جهات من ضواحى القاهرة؛ كناحية باسوس وأبى الغيط وطرا والبساتين وخلافها، والناس دائما فى إرجاف من إغاراتهم، سيما ومعهم طوائف العرب العتاة الغشم، وقد دخلوا القاهرة بالفعل وأفسدوا فيها.
وفى شهر ربيع الثانى من تلك السنة ظهرت عساكرهم والعرب جهة العادلية والشيخ قمر، فأغلقوا باب النصر وباب الفتوح وباب العدوى، وهرب سكان الحسينية، ولم يخرج إليهم أحد من العساكر العثمانية، بل اكتفوا بضرب المدافع من أعلى السور، ودخل محمد بك المنفوخ إلى الحسينية وجلس بمسجد البيومى. وانتشرت المماليك والأتباع على الدكاكين والقهاوى، واستمروا كذلك إلى ما بعد الظهر، ثم خرجوا من مصر وأخذوا جماعة، منهم: السيد بدر المقدسى من داره خارج باب الفتوح وذهبوا به إلى إبراهيم بك الكبير وعثمان بك البرديسى، فأسر إليه إبراهيم بك أن يكون سفيرا بينهم وبين الباشا فى الصلح.