وفى صباح يوم الثلاثاء ركب وطلع إلى الباشا وبلغه فى ذلك، فقال له:
ومن يرجع إليهم بالجواب؟ فقال: أنا؛ فحقدها عليه ثم قام من عنده فأرسل خلفه فعوّقه عند الخزندار، فشفع فيه الشيخ السادات والسيد عمر مكرم، وكان بعض عساكر المماليك محاصرا على بعض عساكر العثمانية بطرا والدير، فدهمهم محمد على ليلا وهم نيام، فلما انتبهوا لم يجدوا بدا من الهرب، وأخذ منهم مدفعين وبعض أمتعة وثمان هجن وثلاثة عشر فرسا، وقتل منهم جماعة ورجع بالعسكر على الفور من آخر الليل، وخلع عليه الباشا الفروة التى أحضرت له من الدولة، وأرسلوا المبشرين للأعيان لأخذ البقاشيش وعمل شنك وأشاعوا موت الألفى كذبا، وكان لهم متاريس على جرف عال بناحية بسوس ليمنعوا ما يمر من المراكب والقياسات، وكان لهم مركز فى جهة شبرى حصل به وقعة عظيمة يوم الأحد رابع عشر الشهر قتل فيه خلق كثير من الفريقين، وانتهت بطرد المماليك عنها وعن متاريس شلقان وبسوس، وانهزم المماليك إلى جهة الخانقاه وأبى زعبل وعمل بالقاهرة شنك عظيم.
وبقرب هذه القرية أيضا غرق حسن أفندى اللبلبى الدرويش، وذلك فى شهر شوّال سنة ثمان وعشرين من القرن الثالث عشر من الهجرة، واللبلب كلمة تركية معناها الحمص المجوهر أى المقلى، ومن شأنه أنه كان يدخل بيوت الأعيان والأكابر من الأتراك وفى جيوبه الحمص، فيفرق على أهل المجلس من حمصه ويلاطفهم ويضاحكهم ويمازحهم ويعرف اللغة التركية. ومن أعطاه شيئا أخذه، ولا يطلب من أحد شيئا، وبعضهم يقول له: انظر ضميرى أو فألى فيعد على سبحته أزواجا أفرادا ويقول: ضميرك كذا وكذا فيضحكون منه، وقد وشى به مرة عند كتخدا بك بأنه كان يقول لعبد اللطيف باشا: إنك ستبلى بسيادة مصر وأحكامها، ويقول له: هذا وقت انتهاز الفرصة فى غيبة الباشا، وكان الباشا وهو العزيز محمد على وقتئذ بالحجاز، وكان عبد اللطيف باشا