يعتقد صحة كلامه ويزوره فى داره ورتب له مرتبات، وأشيع أنه يريد أن يضم إليه أجناس المماليك والخاملين من العسكر وغيرهم ويعطيهم النفقات، ويريد إثارة فتنة ويغتال كتخدا بك وحسن باشا وأمثالهما على حين غفلة ويتملك القلعة والبلد، وأن اللبلبى يغريه على ذلك، ويقول له: جاء وقتك، فأرسل كتخدا بك إلى اللبلبى فحضر بين يديه فى يوم الاثنين فسأله عن عبد اللطيف باشا، فقال له: انظر فى حسابك هل نجده أم لا؟ فعد على سبحته كعادته، وقال: إنكم تجدونه وتقتلونه، ثم إن الكتخدا أشار إلى أعوانه فأخذوه ونزلوا به وأركبوه على حماره وذهبوا به إلى بولاق، فأنزلوه فى مركب وانحدروا به إلى شلقان، وجردوه من ثيابه وأغرقوه فى البحر.
وعبد اللطيف باشا هذا كان مملوكا للعزيز محمد على، أهداه إليه عارف بك وهو عارف أفندى بن خليل باشا المنفصل عن قضاء مصر قبل هذا التاريخ بنحو خمس سنين، فاختص الباشا بعبد اللطيف وأحبه ورقاه فى الخدم والمناصب، إلى أن جعله مختار أغاسى أى صاحب المفتاح، وصار له حرمة زائدة وكلمة فى باب الباشا نافذة، ولما استولى العسكر على المدينة وأتوا بمفاتيح زعموا أنه مفاتيح المدينة كان هو المتعين للسفر بها للديار الرومية لبشارة الدولة، ولما وصل إلى دار السلطنة احتفل به أهل الدولة، ونزلوا فى المراكب لملاقاته من مسافة بعيدة، وأدخلوه بموكب جليل إلى الغاية وسعت الأعيان بين يديه مشاة وركبانا، وعملوا لقدومه شنكا ومدافع وولائم، وأنعم عليه الملك وهاداه أهل الدولة، ورجع إلى مصر فى أبهة عظيمة فداخله الغرور وتعاظم فى نفسه، ولكونه من المماليك لم يحتفل به الباشا؛ لتأسس كراهة المماليك فى نفسه ونفوس أهل دولته، خصوصا كتخدا بك، فإنه كان أشد الناس عداوة للمماليك فطفق يلقى للعزيز فى شأن عبد اللطيف ما ينفره منه، وأنه يضم إليه أبناء جنسه المماليك البطالين ليكونوا عزته، حتى أن الباشا