للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فوض للكتخدا أمره إن ظهر منه شئ فى غيابه. ثم سافر الباشا فى إثر ذلك وجعل الكتخدا وأهل الدولة يرصدون حركات عبد اللطيف باشا، ويتوقعون ما يوجب الإيقاع به وهو فى غفلة، ثم إنه طلب من الكتخدا الزيادة فى مرتبه وعلائفه لاتساع دائرته وكثرة حواشيه، فقال له الكتخدا: أنا لست صاحب الأمر، وقد كان صاحب الأمر هنا ولم يزدك، فراسله فإن أمر بشئ فأنا لا أخالف مأموراته، وزاد بينهما الكلام والمفاقمة، وفارقهم على غير حالة مرضية، وأرسل إلى مماليك الباشا ليحضروا إليه صباحا ليعملوا ميدان رماحة على العادة، وأسر إليهم أن يصحبوا ما خف من متاعهم وأسلحتهم، فلما أصبحوا استعدوا كما أشار إليهم وشدوا خيولهم، ووصل الخبر إلى كتخدا فطلب كبيرهم وسأله، فأخبره أن عبد اللطيف باشا طلبهم ليعمل معهم رماحة، فقال: ليس هذا يوم الموعد. ومنعهم من الركوب، وأحضر فى الحال حسن باشا، وطاهر باشا، وأحمد أغا المسبحى بونابرت الخازندار، وصالح بك السلحدار، وإبراهيم أغا أغاة الباب، ومحمود بك الدوادار، وتوافق معهم على الإيقاع به. وأصبحوا يوم السبت مجتمعين وقد بلغه الخبر وأخذوا عليه الطرق، وأرسلوا يطلبونه للحضور فى مجلسهم فامتنع، فنزل إليه دبوس أوغلى وخدعه فلم يقبل، فنزل إليه ثانيا يأمره بالخروج من مصر إن لم يحضر مجلسهم. فقال:

أما الحضور فلا، وأما الخروج فلا أخالف فيه، بشرط أن يكون بكفالة حسن باشا أو طاهر باشا، فإنى لا آمن أن يتبعونى ويقتلونى، خصوصا وقد أوقفوا بجميع الطرق، ففارقه دبوس أوغلى فتحير في أمره، وأمر بشد الخيول وأراد الركوب فلم يسعه ذلك. ولم يزل فى نقض وإبرام إلى الليل وقد فرقوا العساكر في الجهات وأبواب المدينة، وكثر جمعهم بالقلعة وأبوابها.

وفى الساعة التاسعة من الليل نزل حسن باشا ومحمود بك في نحو الألفين من العسكر واحتاطوا بداره فى سويقة العزى وقد أغلقها، فصاروا يضربون عليه بالبنادق والقرابانات إلى آخر الليل، فلما أعياهم ذلك هجموا على