دور الناس التى حوله، وتسوروا عليها من السطوح ونزلوا إلى سطح داره وقتلوا من صادفوه من عسكره وأتباعه، واختفى هو فى مخبأة أسفل الدار مع ست من الجوارى ومملوك واحد، وعلم بمكانهم أغاة الحريم فطافوا بالدار يفتشون عليه فلم يجدوه، فنهبوا جميع ما فى الدار وأخذوا الحريم والجوارى والمماليك والعبيد، ونهبوا ما حولها وماوراءها من دور الناس نحو نيف وعشرين دارا، وكذا الحوانيت ودار كتخدا صالح الفلاح، وكل هذا وأهل ضواحى المدينة لا يدرون بشئ من ذلك، إلا أنهم لما طلع النهار وجدوا العساكر مائجة في الأسواق، وأبواب المدينة مغلقة وحولها العساكر مجتمعة ومعهم بعض المنهوبات، فامتنع الناس من فتح الحوانيت والقهاوى التى من عاداتهم التبكير فى فتحها، وأكثروا الظنون، واستمر عبد اللطيف باشا بالمخبأة إلى الليل واشتد به الخوف، وتيقن أن الطواشى سينم عليه ويعرفهم بمكانه.
فلما أظلم الليل وفرغوا من النهب والتفتيش وخلا المكان خرج من المخبأة بمفرده، ونط من الأسطحة حتى خلص إلى دار خزنداره وصحبته كبير عسكره، وآخر يسمى يوسف كاشف دياب من بقايا الأجناد المصرية، وباتوا بقية تلك الليلة ويوم الاثنين والكتخدا وأهل دولته يدأبون فى الفحص والتفتيش عليه ويتهمون كثيرا من الناس بمعرفة مكانه، وكانت دار محمود بك بالقرب من داره فأوقف أشخاصا من عسكره على الأسطحة ليلا ونهارا لرصده، ثم إنهم أمسكوا الطواشى وهددوه فدلهم على أستاذه، ففتحوا المخبأة فوجد الجوارى الستة والمملوك ولم يجدوه معهم، فقالوا: إنه كان معنا وخرج ليلة أمس ولم نعلم أين ذهب، فأخرجوهم وأخذوا ما وجدوه فى المخبأة من متاع وسروج ومصاغ ونقود وغير ذلك.
فلما كان بعد الغروب ليلة الثلاثاء اشتد بعبد اللطيف باشا الخوف والقلق، وأراد أن ينتقل من بيت الخازندار إلى مكان آخر، فطلع إلى السطح وركب على