وأفلاطون فى مؤلفاتهما، ورفض (كتر مير) الشطر الأول بالمرة، وقال: إن الشطر الثانى صحيح من جهة دون جهة فإن كون تسوان هى مدينة سائس غير صحيح، لأن سائس هى (صا) بغير نون، والكلام فى صان بالنون، وكون تانيس هى تسوان صحيح مسلّم، وإن لم يرتضه العالم (لرشى) الجغرافى المشهور، فقال: لا يصح أن تكون تانيس هى تسوان، لأن تسوان مدينة من مدائن الملوك، وهى كرسى المملكة بخلاف تانيس، فإنها صغيرة وفقيرة لا يصح أن تكون كرسى مملكة، لأن (كسيان) قد وصفها بأنها واقعة فى وسط البحر المالح يحيط بها الماء من كل جهة، وليس لأهلها شغل إلا الملاحة، وليس لهم أرض يزرعونها، وعند إرادة بناء منازلهم ينقلون إليها التراب فى المراكب. انتهى.
والصواب أن وصف (كسيان) إنما هو لمدينة تنيس بغير ألف، وكلامنا فى تانيس بألف بعد التاء المثناة الفوقية، وهما مدينتان متباينتان فى الأماكن والأوصاف، وقد عدهما مترجمو التوراة مدينتين لا مدينة واحدة، وهم أعلم بجغرافية مصر من غيرهم، فالفقيرة الصغيرة هى: تنيس لا تانيس، وبسبب كون العالم (لرشى) لم يأت إلى هذه الديار، وإنما أخذ الأسماء من الكتب، ظنّ أنهما مدينة واحدة فقال ما قال، ومما يدل على صحة ما قلنا، أن القسيس (لقيان) ذكر أن فى إقليم أغسطمانيقا غير مدينة تانيس، مدينة أخرى اسمها تنيس، وفى كثير من كتب القبط يذكر اسم قسيس تانيس، وقسيس تنيس، ثم ان اسم (جانى) المسماة به مدينة تانيس، معناه الأرض المنحطة، وهذا يوافق مدينة صان التى جعلها العرب فى مؤلفاتهم فى الجهة المسماة بأسفل الأرض، فليست تانيس هى مدينة سائس المسماة في كتب العرب ب (صا)، لأن جميع الأوصاف المذكورة فى كتب مؤلفى الأقباط وغيرهم، تدل على أن تانيس فى أرض منحطة على فرع أصلى من فروع النيل، وليست مدينة سائس بهذه الأوصاف، انتهى.