خراب على البحر فيما بين قطية والورادة، ويقصدها قوم من الناس، ويحفرون فى كيمانها فيجدون دراهم من فضة خالصة ثقيلة الوزن كبيرة المقدار، ويسلك من أم العرب إلى الورادة وهى من جملة الجفار ويقال: إن اسمها أخذ من الورود، ولم يزل جامعها عامرا تقام به الجمعة إلى ما بعد السبعمائة، وتاريخ منارة جامعها سنة ثمان وأربعمائة كما رأى ذلك القاضى الفاضل لمّا دخلها سنة سبع وستين وخمسمائة، وبلد الورادة القديمة فى شرقى المنزلة التى يقال لها اليوم: الصالحية، وبها آثار عمائر ونخل قليل، ودخل أهلها وما حولها إلى عسقلان فى الإسلام بعد أن استولى المسلمون على الفرما بعد فتح دمياط، ثم قال: فلما خرج الإفرنج من بحر القسطنطينية لأخذ البلاد من أيدى المسلمين، وأخذ «بغدوين» الشوبك، وعمره فى سنة تسع وخمسمائة وكان قد خرب من تقادم السنين، وأغار على العريش وهو يومئذ عامر.
بطل السفر حينئذ من مصر إلى الشام وصار يسلك على طريق البر مع العرب مخافة الإفرنج إلى أن استنقذ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بيت المقدس من أيدى الإفرنج فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وأكثر من الإيقاع بالإفرنج وافتتح منهم عدة بلاد بالساحل، وصار يسلك هذا الدرب على الرمل فسلكه المسافرون من حينئذ إلى أن ولى ملك مصر الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل، فانشأ هذه البلدة لتكون منزلة العساكر إذا خرجوا من الرمل، فلما ملك مصر الملك الظاهر بيبرس البندقدارى رتّب البريد بين القاهرة ودمشق، وفى سائر الطرقات حتى صار الخبر يصل من قلعة الجبل إلى دمشق فى أربعة أيام، ويعود فى مثلها، فصارت أخبار الممالك ترد إليه فى كل جمعة مرتين، ويتحكم فى سائر ممالكه بالعزل والولاية وهو مقيم بالقلعة، وأنفق فى ذلك مالا عظيما حتى تم ترتيبه، وكان ذلك فى سنة تسع وخمسين وستمائة، وما زال أمر البريد مستمرا فيما بين القاهرة ودمشق يوجد بكل مركز من مراكزه عدة من الخيول المعدة للركوب، وتعرف بخيل البريد وعندها عدة سواس