وقد تكلم «كترمير» عن كتاب السلوك وغيره على البريد بعبارة واسعة فقال ما معناه: البريد كلمة مأخوذة من اللاتينى بمعنى: بوسطة الخيل المرتبة لإيصال المخاطبات والناس، وتطلق على مسافة قدرها أربعة فراسخ، والفرسخ: ثلاثة أميال، وقدّره «خليل الظاهرى» بفرسخين، وفى ديوان الإنشاء عن «المرتضى» أن البريد فى الأصل اسم دابة ثم صار اسما للراكب عليها، ثم استعمل فى مسافة مقدرة، وقال غيره: البريد كلمة عربية تفيد مسافة قدرها أربعة فراسخ، وقد اشتق من البريد، أبرد: بمعنى أرسل مكتوبا فى البوسطة.
قال فى كتاب «الهمزة»: أبرد إلى ابن هشام بالكتاب، وفى كتاب «الأغانى»: أبرد البريد إلى الحجاج، وأما البريدى: فهو المختار من الجند المستخدمين بمصر أو الشام ليوجه فى مهمات الأمور وفى طلب الأموال، فيسير ليلا ونهارا، وكان كاتب السر يلاحظ أموره ويتفقد أحواله، ولا يتخذ إلاّ من العارفين الجامعين للخصال الحميدة ضرورة أنه أمين على المهمات، وقال الذهبى: كان البريديون ثلاثة من الكتّاب: أبو عبد الله، وأبو الحسين، وأبو يوسف، كان أبوهم كاتبا على البريد بالبصرة فغلبوا على الأهواز، وعن «أبى الفداء» أن أول من رتب البريد «معاوية»، وكان «هشام بن عبد الملك» فى مدينة «رصافة» لمّا مات (يزيد) أخوه فجاءه خبر الخلافة بالبريد، وعن المقريزى أن/الخليفة (المهدى العباسى) هو أول من رتب البريد سنة ست وستين ومائة هجرية بين المدينة ومكة، وبين مكة واليمن، وكان من البغال والجمال، وكان قبل ذلك فى مصر وكان فى كل مركز من مراكز البريد أمير أخور، وشاد، ورجال يناط بهم إحضار المعاليم والخيل (وعليها التشاهير: أى الطقومة من سرج ونحوه، واحدها: تشهير، يقال: قدّم إليه فرسا بتشهيره: أى بما يلزم له من سرج، ولجام ونحو ذلك)، وفى كل بريد صفائح من النحاس أو من الفضة بقدر كف اليد على أحد وجهيها: لا إله إلا الله محمد رسول الله