للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هذا الموضع يوم وليلة، وفى عيذاب حاكمان، أحدهما من طرف رئيس البجة، والآخر من طرف حاكم الديار المصرية، وكان ما يتحصل من هذه المدينة يقتسمانه مناصفة، وكان يجلبان اليها مناصفة أيضا كل ما يلزم لمؤنة أهلها، وكانت عادة الأمير البجوى الإقامة فى الصحراء ولا يدخل المدينة إلا نادرا، وكان أهل عيذاب ينتقلون فى أرض البجاة للتجارة، ويجلبون منها الزبيب والعسل واللبن، ولهم عدة مراكب لصيد السمك، وكان يؤخذ هناك من حجاج بلاد المغرب عوائد، كل نفر عشرة دنانير، وكانت الدنانير تارة تكون قطعا من الذهب، وتارة معاملة مضروبة.

وفى سنة ست عشرة وسبعمائة، منع عرب عيذاب رسل أمير اليمن، ونهبوا ما معهم من البضاعة، فأرسل اليهم سلطان الديار المصرية ستمائة من العساكر تحت إمرة الأمير (علاء الدين مغلطاى)، فتوجه من قوص فى المحرم سنة سبع عشرة، وسار فى صحراء عيذاب ثم أخذ فى طريق سواكن، فتقابل مع قوم من الحبشة يعرفون بالكيكيا، عدتهم نحو الألفين راكبين على هجن وسلاحهم النشاب والحراب ومعهم كثير من المشاة العراة، فحين اصطدم الفريقان انهزم الحبشة، وولوا بعد أن قتل منهم عدد كثير، ثم سار العسكر نحو الأبواب ومنها إلى ناحية دنقلة، ثم عدلوا إلى طريق القاهرة فوصلوها فى اليوم التاسع من شهر جمادى الثانية بعد ثمانية أشهر من وقت الرحيل.

وفى كتاب السلوك للمقريزى: أنه فى سنة تسع عشرة وسبعمائة وصل الخبر بأن العرب حصل منهم إغارات كثيرة فى ضواحى عيذاب، وقتلوا حاكم المدينة، فأرسل اليهم السلطان جملة من الأمراء من ضمنهم الأمير (عكوش) الذى كان مأمورا بالإقامة فى المدينة، وفى مبدأ الإسلام كانت جزيرة (دهلك) محلا لنفى المغضوب عليهم، كما يؤخذ من كلام مؤرخ مدينة دمشق حيث