دجرجا، ومنهم من رأى غير ذلك، ولم يتوافقوا على شئ، ولما وصلوا إلى ملوى حصلت بينهم مشاجرة، وافترق منهم (حسين بيك) و (مصطفى بيك)، فأما (مصطفى بيك) فاختار التوجه إلى دجرجا، وأما (حسين بيك) فسافر إلى الواحات، واختار كشك (على بيك) و (حسن بيك) وباقى الصناجق أن يذهبوا إلى الجبل الأخضر، فاخذوا جماعة ممن يعرفون الطرقات وتوجهوا بهم إلى ناحية قنطرة اللاهون، ليسافروا من هناك، فغرهم الدليل وعرج بهم إلى طريق الأهرام، فلما أصبحوا وجدوا أنفسهم بناحية الجيزة، وقد حصل لهم ما لا مزيد عليه من المشقة وضعفت دوابهم وأبدانهم، فسقطوا فى أيديهم وتداولوا فى طلب الأمان، فمنهم من رضى ومنهم من لم يرض، وبعض من لم يرض أخذ فى طريق البحيرة، وبعضهم توجه إلى المنوفيه، وحضر من طلب الأمان إلى ناحية بولاق التكرور، وكان خبرهم قد وصل إلى قائمقام فأرسل إليهم عساكر ببيور لدى الأمان، فحضروا إليه وقابلوه وكانوا خمسة وعشرين فسجنهم بالبرج، وأرسل العساكر وراء الفارين.
وكتب إلى كاشف البحيرة وابن الخبير بمحاصرتهم، وكتب إلى رشيد بالتحفظ، فلما وصل الفارون إلى ناحية النجيلة، احتاطت بهم العرب وكاشف البحيرة وضيقوا عليهم، وطلبوا الأمان فأمنوهم ثم قطعوا رؤسهم ليلا بناحية الطرانة، ووقع القبض على من توجه إلى المنوفية، وعلى من بناحية دجرجا، وصار القبض فى جميع الجهات على كل من كان فى حزبهم، وملئت منهم الحبوس.
ولما حضر الوزير فى الحادى والعشرين من الشهر، قامت العساكر وطلبوا قتل من بالحبوس جميعا فأذن لهم، فقطعوا رؤسهم جميعا بحوش الديوان وقطع دابر الفقارية بالمرة وتزينت مصر لذلك، انتهى ملخصا من كلام طويل وهى وقعة مشهورة قد أفردت بالتأليف.