ولسانهم ليس بعربى ولا فارسى ولا بربرى ولا قبطى ولا يفهمه غيرهم، وأطوارهم تخالف أطوار أهل طرابلس أخلاقهم سهلة، صادقون في المعاملة مع الأغراب وغيرهم.
من صرت إلى طرابلس عشرة أيام، ومنها إلى اجدابية ستة أيام، ومن اجدابية إلى برقة كذلك، ومعنى طرابلس بالرومى ثلاث مدن، فإن طرا معناها: ثلاثة، وبلس معناها: مدينة، ويقال أن الذى بناها هو القيصر (صوير) وتسمى أيضا مدينة (إياس) وهو اسمها القديم، وولاية طرابلس، سميت فى مبدأ القرن الثالث من الميلاد بالاسم الذى لها الآن، وكان بها ثلاث مدن كبيرة وهى لبتيس ماينا، واسبرته، وويه، وأطلقت العرب على الأولى اسم لبده، وعلى الثانية اسم سبرا، وعلى الثالثة تريبولى، وقال البكرى إن طرابلس مدينة على البحر لها سور من الحجر، وبها جامع وأسواق وحمامات كثيرة، ويسكن حولها كثير من القبط، لباسهم كلباس البربر ولسانهم قبطى، وقراهم شرقى المدينة وغربيها تمتد إلى موضع بنى صابرى أو سامرى مسيرة ثلاثة أيام، ومن قبلى إلى أرض هوارة مسيرة يومين، وفيها عدة رباطات ويتوصل منها إلى مدينة مغمدا، وهى على مسيرة يوم من صرت، ومغمدا فى الأصل اسم صنم على ساحل البحر يحيط به أصنام كثيرة، وبها قصر بناه (العربى) متولى صرت، من طرف بنى عبيد الله، وفيها كانت الوقعة المشهورة بين (أبى الأحوص عمرو العجيلى)، (وأبى الخطاب عبد العلاء بن السامح) رئيس فرقة العبيديين، وكان وقوعها بقرب البحر وانهزم فيها (أبو الأحوص) وفرّ إلى مصر وذلك سنة اثنتين وأربعين ومائة هجرية، ومن مغمدا على مسيرة يوم يتوصل إلى قصور حسن المسماة باسم (حسن بن النعمان) متولى إفريقية سنة سبعين من الهجرة، وسبب وضعه لهذه القصور، أنه بعد موت (الزبير بن قيس) عين الخليفة (عبد الملك بن مروان) لولاية افريقية (حسن بن النعمان الفاسانى)، فوصلها فى المحرم سنة ثمان وستمائة، وتلاقى مع جيش الكاهنة