للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى أرض قابس، وحصلت بينهم مقتلة قتل فيها رئيس خيالة (حسن بن النعمان) وكثير من جيشه، وأسر تحت يد الكاهنة ثمانون رجلا، وأما هو فقد فرّ بباقى عسكره متفرقين، واجتمعوا عند قصور حسن الواقعة على طريق مصر، وأطلقت الكاهنة الأسرى بعد أن عاملتهم بأحسن المعاملة، وأبقت (يزيد بن خالد القيسى)، وعند عود الأسرى أخبروه بما حصل من إكرامهم، فسر بذلك وكتب إلى الخليفة (عبد الملك) يخبره بما وقع له مع الكاهنة وأن يمده، فكتب له عبد الملك أن يقيم بالموضع الذى هو به، فبنى القصرين وآثارهما باقية إلى الآن، وكان بقربهما عدة بساتين وبئران ماؤهما مالح، وأقرب محطة إلى خراب أبى حليمة القصر الأبيض، الذى كان فوق العقبة المتخرب الآن، وبقربه صهريج خرب، وهو على كلام بعضهم آخر أرض لواتة.

وأما عرب مزاتة فتسكن تحت تلك العقبة، ومدينة طرابلس كثيرة الفاكهة وأنواع المأكولات، وفى شرقيها بعض بساتين لطيفة تمتد إلى سبخة يعنى بركة مالحة قد جف ماؤها، ويستخرج منها ملح الطعام، وفى داخل المدينة بئر تعرف ببئر أبى الكنود، يقولون: أن شرب مائها ينقص العقل، وبئر آخر عذبة الماء تعرف ببئر القبة، وعن (الليث بن سعد) أن (عمرو بن العاص) قصد طرابلس فى سنة ثلاث وعشرين هجرية، ولما وصل إلى القبة التى على الجبل شرقى المدينة، حاصر المدينة شهرا ولم يبلغ منها اربه، وفى ذات يوم خرج أعرابى من آل مدلج من المعسكر مع سبعة من رفقته بقصد الصيد، فساروا فى الفضاء غربى المدينة، وكان ذلك وقت شدة الحر، فتبعوا فى عودتهم ساحل البحر، وكان سور المدينة ممتدا إلى البحر، ولم يكن لها سور من جهته، فكانت السفن تدخل فى المينا وتقرب من المنازل، ورأى المدلجى ورفقته طريقا بساحل البحر قد تركها فى جزره، فتبعوها إلى أن وصلوا الكنيسة، وأعلنوا هناك بالتكبير فخافت الروم ونزلوا فى المراكب، فحينئذ دخل (عمرو بن العاص) بجيوشه المدينة، واستولى على جميع ما بها، ثم لما تولى (هرثمة بن