أعين) على القيروان سنة تسع وسبعين ومائة من الهجرة، بنى السور الساتر لمدينة طرابلس من جهة البحر، ومن ملحقات طرابلس أرض تعرف بسهل سبجين، لها شهرة بكثرة المحصول، فإن متحصلها فى السنة قدر بذرها مائة مرة، قال مترجم كتاب البكرى: إن هذه الأرض لم تزل فى أعلى درجة من الخصب، وهى واقعة قبلى طرابلس على بعد ستة وثلاثين فرسخا من المدينة، وتسمى الآن بسفجين بالفاء بدل الباء الموحدة.
وعلى بعد ثلاثة أيام من طرابلس، وستة أيام من/القيروان، يوجد جبل يعرف بجبل نفوسة، طوله من الشرق إلى الغرب مسيرة ستة أيام، تسكن بقربه عرب بنى زمور، لهم قلعة تسمى تيرقت، بمثناة فوقية فى أوله وبالقاف أو بالفاء، أو بيرقت بموحدة فى أوله، وهى قلعة حصينة منيعة، وبعدها عرب بنى تدميت، ولهم ثلاث قلاع، وفى وسط أرضهم مدينة كبيرة يقال لها (جدو)، واقعة فى الجنوب الغربى لمدينة طرابلس، عل بعد أحد وتسعين ميلا، وفيها أسواق وعدد كثير من اليهود، وقال (محمد بن يوسف): إن مدينة شيروس هى مركز جميع بلاد جبل نفوسة، وهى مدينة لطيفة متسعة بها كثير من السكان، ولم يكن بها جامع ولا بما حولها من البلاد، وعددها ينيف على ثلثمائة بلدة كلها عامرة بالسكان، وجميع أهالى تلك البلاد يزعمون أن الصلاة لا تصح إلا خلف معصوم، فلا يوجد من يصلح للإمامة، فهذا هو السبب فى عدم بناء المساجد، وبين مدينة شيروس وطرابلس خمسة أيام، وقصر لبدة واقع بينهما، وهو قصر عتيق مبنى بالحجر والجير، وحوله مبان عتيقة أيضا أغلبها خراب، وبه نحو ألف من العرب الخيالة، يديمون المناوشة مع من جاورهم من البربر، والبربر يخافونهم ويدخلون تحت حكمهم، مع أن فى إمكان البربر تهيئة عشرين ألف مقاتل ما بين فارس وراجل، وفى وسط جبل نفوسة كثير من النخل والزيتون وشجر الفاكهة، وقد غزا (عمرو بن العاص) أهالى ذلك الجبل وكانوا