للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يبنى له مكانا خاصا بطائفته، فأجابه لذلك، وأخذ سكنا أمام الجامع المجاور لمدرسة الجوهرية، وأضاف إليه قطعة أخرى، وأنشأ ذلك رواقا خاصا بهم، ونقل إليه الأحجار والعمد الرخام الذى بوسطه، من جامع الملك (الظاهر بيبرس) الكائن خارج الحسينية، وكان تحت نظر الشيخ إبراهيم السجينى ليكون ذلك نكاية له نظير ما حصل منه، وعمل به خزائن واشترى له غلالا وأضافها إلى جرايات الجامع، وأدخلها فى دفتره يستلمها خبّاز الجامع، ويصرفها خبزا لأهل ذلك الرواق فى كل يوم، ووزعها على الأنفار الذين اختارهم من أهل بلاده، واتفق للمترجم أنه تقرر فى نظر الخانقاه التى كانت خارج باب البرقية، واستولى على جهات إيرادها، وهذه الخانقاه من إنشاء الست (خوند طغاى الناصرية)، وكان الناظر عليها قبل المترجم شخصا من شهود المحكمة يقال له: ابن الشاهينى.

ولم ولج الفرنساوية الأراضى المصرية، وتمكنوا منها وعملوا القلاع فوق التلول حوالى المدينة، هدموا منارة هذه الخانقاه، وبعض الحوائط الشمالية وتركوها على ذلك، وكانت ساقيتها تجاه بابها فى علوة يصعد إليها بمزلقان، ويجرى منها الماء إلى الخانقاه على حائط مبنى، وبه قنطرة يمر من تحتها الناس، وتحت الساقية حوض لسقى الدواب، ثم إن المترجم أبطل الساقية وبنى مكانها زاوية وعمل لنفسه بها مدفنا، وعقد عليه قبة وجعل تحتها مقصورة، وبداخلها تابوتا عاليا مربعا، وعلى أركانه عساكر فضة، وبنى بجانبها قصرا ملاصقا لها، يحتوى على أروقة ومساكن ومطبخ، وذهبت الساقية من ضمن ذلك، وجعلها بئرا وعليها خرزة يملؤن منها بالدلو، ونسيت تلك الساقية وانطمست معالمها وكأنها لم تكن.

ولم يزل المترجم على حاله حتى تعلل ومات فى يوم الخميس ثانى شهر شوّال من السنة المذكورة، وصلى عليه بالأزهر فى جمع كثير، ودفن بمدفنه