الذى بناه لنفسه كما تقدم، ثم إن زوجته وابنه ومن يلوذ بهم، ابتدعوا له مولدا فى أيام مولد الشيخ العفيفى، وكتبوا بذلك فرمانا من الباشا، ونادى به تابع الشرطة بأسواق المدينة على الناس بالإجتماع والحضور لذلك المولد، وكتبوا أوراقا ورسائل للأعيان وأصحاب المظاهر وغيرهم بالحضور أيضا، ومدوا الأسمطة وفيها أنواع الأطعمة، لمن حضر من الفقهاء والمشايخ والأعيان وأرباب الأشائر، ولم يزل هذا المولد يعمل إلى الآن.
ومما فى الجبرتى أيضا أن سر عسكر بونابرت الفرنساوى طلب المشايخ فى عشرين من ربيع الأول سنة ألف ومائتين وثلاث عشرة، فلما استقروا عنده نهض بونابرت من المجلس ورجع وبيده طيلسانات ملونة بثلاثة ألوان، /كل طيلسان ثلاثة عروض أبيض وأحمر وكحلى، فوضع واحدا على كتف الشيخ الشرقاوى، فرمى به إلى الأرض واستعفى، وتغير مزاجه وانتقع لونه واحتد طبعه، فقال الترجمان: يا مشايخ أنتم صرتم أحبابا لسر عسكر، وهو يقصد تعظيمكم وتشريفكم بزيه وعلامته، فإن تميزتم بذلك عظمتكم العساكر والناس، وصار لكم منزلة فى قلوبهم، فقالوا له: لكن قدرنا يضيع عند الله وعند إخواننا من المسلمين، فاغتاظ لذلك (بونابرت) وتكلم بلسانه، وبلغ عنه بعض التراجمة أنه قال عن الشيخ الشرقاوى: إنه لا يصلح للرياسة ونحو ذلك فلاطفه بقية الجماعة، فقال: إن لم يكن ذلك فلازم من وضعكم الجويكار فى صدوركم، وهى العلامة التى يقال لها: الوردة، فقالوا: أمهلونا حتى نتروى فى ذلك واتفقوا على اثنى عشر يوما، وفى ذلك الوقت حضر الشيخ السادات فصادفهم منصرفين فلما استقر به الجلوس بش له سر عسكر ولا طفه فى القول، وأهدى له خاتم ألماس، وكلّفه الحضور بالغد عنده، وأحضر له جويكارا ووضعه فى طراحته فسكت وسايره، فلما قام من عنده، رفعها على أن ذلك يخل بالدين، وفى ذلك اليوم نادى جماعة القلقات على الناس، بوضع العلامات