المذكورة المعروفة بالوردة، وهى إشارة الطاعة والمحبة، فأنف غالب الناس من وضعها، وبعضهم رأى أن ذلك لا يخل بالدين وأنه مكروه فقط، وربما ترتب على عدم الإمتثال الضرر فوضعها، ثم فى عصر ذلك اليوم نادى بإبطالها من العامة، وألزموا بعض الأعيان ومن يريد الدخول عندهم بوضعها، فكانوا يضعونها إذا حضروا عندهم، ويرفعونها إذا انفصلوا عنهم، انتهى.
وقال فى موضع آخر: إن سر عسكر ندب علماء الإسكندرية وأعيانها، وكذلك رشيد ودمياط وبقية البنادر، بانضمامهم مع علماء مصر وأعيانها [لكى] يتكون منهم ديوان عام للنظر فى جملة مسائل، فلما حضروا اجتمعوا ببيت مرزوق بك بحارة عابدين، ثم انتقلوا إلى بيت قائد أغا بالأزبكية، وكان معهم أمراء الوجاقات، وأعيان التجار ونصارى القبط، والشوام ومديرو الديوان من الفرنسيس، فلما استقربهم الجلوس، شرع (ملطى القبطى) فى قراءة فرمان الشروط، ثم قال الترجمان: إن سر عسكر يريد منكم يا مشايخ أن تختاروا شخصا منكم يكون كبيرا ورئيسا عليكم، تمتثلون أمره وإشارته، فقال بعض الحاضرين: الشيخ الشرقاوى، فقال (نونو): وإنما ذلك يكون بالقرعة، فعملوا قرعة بأوراق فطلع الأكثر على الشيخ الشرقاوى، فقال: حينئذ يكون الشيخ عبد الله الشرقاوى هو الرئيس، وكتبوا أسماء المنتخبين من الثغور، والمشايخ الوجاقلية والقبط والشوام وتجار المسلمين.
وهذا الديوان غير الديوان المعمول بمصر، وكان من ضمن المسائل اللازم فيها المناقشة، أمر المحاكم، وحجج العقارات، وأمر المواريث ومسائل أخرى، وصاروا يجتمعون كل يوم ويتذاكرون، وانحط رأيهم على أن المحاكم والقضايا الشرعية تبقى على ترتيبها، ولضبط المحاصيل قرروا ما تأخذه القضاة ونوابهم، فجعلوا على الألف ثلاثين نصفا إذا لم يتعد المبلغ عشرة آلاف فضة، فإن كان مائة ألف، فإنه يجعل على الألف خمسة عشر، فإن زاد على ذلك فعشرة، وجعلوا على حجج العقارات مقررا أعلى وأدنى ووسط.