تدرى القصائد أنى لست أقصدها … إلا وللحب داع من دواعيها
ولا تجافيت عنها قبل من حصر … بحمد ربى ولا ضنّت قوافيها
لكنها نفس حرّ لا تهمّ بما … لا يستوى فيه باديها وخافيها
تسعى إليك وفرط الشوق قائدها … إلى رخابك والإخلاص حاديها
وافت تهنّئ مولاها مؤرخة … توفيق مصر بأيد الله راعيها
٥٩٦ ٣٣٠ ١٧ ٦٦ ٢٨٧ - سنة ١٢٩٦
وهذا أنموذج من شعره دال على منزلته فى النظم كاف عن غيره. وأما النثر فشهرته فيه معلومة تغنى عن إطالة القول. وكان قد عرف بذلك واشتهر به من زمن عنفوان الشباب، ولم يكن إذ ذاك فى كتاب الحكومة من يجيد النثر إلا أقل من القليل، لا سيّما مع الإلمام بعلوم العربية، وكتب عن سعيد باشا المرحوم فى أيام حكومته جملة كتب إلى بعض الملوك وغيرهم، وعن الجناب الفخيم جناب إسماعيل باشا - خديو مصر السابق - كذلك، وعن لسان والدته الكريمة - رحمة الله عليها - وحرمه المصون إلى الجناب العالى السلطانى جناب السلطان عبد العزيز خان - عليه الرحمة والرضوان - وحرمه المحترم، ووالدته الماجدة، وقضى غالب أيام خدمته للحكومة فى أشغال الكتابة باللغتين التركية والعربية والترجمة من إحدى هاتين اللغتين إلى الأخرى.
ونوّه بفضله كثير من معاصريه منهم الأديب الماهر الناظم الناثر أحمد فارس أفندى - صاحب «الجوائب» - فى الجوائب وغيرها، وذكره فى كتابه «سر الليال» حين تكلم على السجع قال
«وممن برع فيه فى هذا العصر، وحق له به الفخر فى الإنشاءات الديوانية، وهى عندى أوعر مسلكا من المقامات الحريرية، الأديب الأريب الفاضل العبقرى عبد الله بك فكرى المصرى. فلو أدركه صاحب «المثل السائر» لقال كم ترك الأول للآخر، فسبحان المنعم على من يشاء بما شاء. ومن أجلّ تلك النعم الإنشاء». (انتهى كلامه).
وقد أورد جملة من منشآته الفاضل البارع النحرير الشيخ حسين المرصفى فى الجزء الثانى من كتابه «الوسيلة الأدبية للعلوم العربية». قال فى صحيفة ٦٧٢ من الجزء المذكور:
«إذا قرأت متأملا حق التأمل ما نقلناه لك من إنشاء ذوى العصور المتتالية عرفت كيف اختلاف مذاهب الناس فى الإنشاء، وإذا يسلك بك التوفيق إلى اختيار طريقة تناسب أحوال