للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمل المصانع واستخرج المعادن، ووضع الطلسمات، وشق الأنهار وبنى المدائن، وكان قد وقع إليه علم ذلك من العلوم التى تعلمها (دواييل) من آدم ، فكل علم جليل كان فى أيدى المصريين، إنما هو من فضل علم مقراوش وأصحابه.

كان ذلك مرموزا على الحجارة، ففسره (قليمون) الكاهن ولما بنى مدينة أمسوس، عمل بها عجائب كثيرة وأصناما، ولم تزل هذه الآثار حتى أزالها الطوفان، ويقال أنه هو الذى أصلح مجرى النيل وكان قبله يتفرق بين الجبلين، وأنه وجه إلى بلاد النوبة جماعة هندسوه وشقوا نهرا عظيما منه بنوا عليه المدن، وغرسوا الغروس، وأقام ملكا على مصر مائة وثمانين سنة، ولم يزل الملك فى عقبه بمدينة أمسوس، وكل منهم يجدد فيها أعاجيب، إلى أن وصل الملك إلى (شهلوق بن شرياق)، وكان عالما بالكهانة والطلسمات، فقسم ماء النيل موزونا يصرف إلى كل ناحية قسطها، ورتب الدولة وعمل بيت نار، وهو أوّل من عبد النار، وعمل بأمسوس عجائب، ثم قال: وملك بعده ابنه (سوريد)، وكان حكيما فاضلا، وهو أول من جبى الخراج بمصر، وعمل أعمالا جليلة وهو الذى بنى الأهرام، ولما مات دفن فيها، وكذلك ابنه (هرجيت) بنى أهرام دهشور، ولما مات/دفن فيها انتهى، باختصار.

وحيث كان مقر الجميع مدينة أمسوس، وهم الذين بنوا الأهرام ودفنوا فيها، فيظهر أن مدينة أمسوس كانت بقرب محل الأهرام، وأن وقوعها بقرب هذا المحل هو الداعى لبناء الأهرام فى هذا الموضع، وإلا لبنوها فى الصعيد الأعلى، وإن كان يمكن أن يقال: أن الملوك لا سيما الأقدمين أصحاب القوة والبأس الشديد، والمعارف الكثيرة لا يبعد عليهم أرجاء مثل هذا القطر الصغير، بل هو بالنسبة لهم كالبلدة الواحدة والله أعلم بحقيقة الحال.