وأما مدينة طيوة، فهى مطمح أنظار السياحين إلى بلاد الصعيد، وكتب الإفرنج مشحونة بذكرها، وفى بعض كتبهم تسميها بطيبة بموحدة بدل الواو، وفى بعضها طيب بغير هاء، وفى بعضها تيب بمثناة فوقية بدل الطاء، ورأيت فى بعض كتبهم أن اسم طيوة، كان يسمى به عدة مدن من بلاد مصر، ويستأنس له بما قاله بعض مؤرخيهم: أن معنى طيوة باللغة المصرية القديمة:
مدينة، ومعناه فى اللغة الرومية: التل المرتفع قليلا، ولعل هذا هو منشأ ما قاله بعضهم: أنها سميت بهذا الاسم ليدل على رفعتها وعلو شأنها، وبعضهم يقول: إن اسمها مأخوذ من كلمة طيبة القبطية، التى معناها: سفينة، وأن أهل هذه المدينة كانوا يعبدون الشمس، ويعتقدون أنها بل وسائر الكواكب، تسير فى مداولتها فى سفن، ورسموا ذلك فى آثارهم الفلكية الباقية إلى الآن، ولعلهم قصدوا بذلك تعظيما بموافقتها فى الاسم لسفينة معبودهم.
وقال بعض المؤرخين: إن مدينة طيوة، كانت تسمى فى بعض الأزمان القديمة بمدينة الأب، بسبب أن فرعون مصر (سيزوستريس الأكبر) بنى فيها مبانى كثيرة على اسم أبيه، وذكر بعض المؤرخين: أنها كانت تسمى نوامون، ومعناه: مدينة آمون، أى المدينة التى يعبد أهلها الشمس، أو الكائنة فى ملك آمون أى: الشمس.
والروم تسميها ديوسبوليس، أى مدينة الشمس بالمعنى السابق، وكانوا لا يطلقون هذا الاسم إلا على الأقصر والكرنك فقط، وفى بعض كتب الإفرنج أن كلمة ديوسبوليس هى ترجمة كلمة (أموناى) المصرية، التى توجد فى الكتابة الهيروجليفية، ومعنى أموناى: مقرّ آمون، وأما اسم طيبة أو طيب أو تيب المعروفة به الآن، فهو اسمها المصرى القديم الذى كان لها قبل اليونانيين الذين سموها ديوسبوليس، ولفظ تيب مركب من أداة التعريف وهى (تى) ومن كلمة (ب) التى معناها: الرأس أو التخت، ولأجل التمييز تضيف الأروام إلى كلمة ديوسبوليس كلمة (ميجالى) الرومية التى معناها: الكبيرة، حتى لا تشتبه بديوسبوليس الواقعة تحت مدينة دندرة، انتهى.