للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصارت عبارة عن كفور صغيرة، لا يسكنها إلا الفقراء من الفلاحين واستمرت هكذا إلى وقتنا هذا فبتلك الأسباب ونحوها، نشأ خراب هذه المدينة وغيرها من باقى مدن القطر التى صارت خرابا وآكاما لا يسكنها غير البوم والغربان والحشرات، التى هى ليست مألوفة للإنسان، ولو سار الإنسان فى خراب هذه المدينة على شاطئ النيل ونظر إلى ما بقى من أبنيتها، لعلم ما كانت عليه من العظم، لأنه إذا نظر إلى الجهة الشرقية، رأى آثارا مرتفعة شاهقة، وهى الآثار المسماة الآن بالكرنك، وبين تلك الآثار آثار سراية الأقصر، وتماثيل أبى الهول المرتبة بالانتظام التام، والتماثيل الكائنة على جانب الطريق الموصل للسراية المذكورة، وعلى الشاطئ الغربى للنيل فى مواجهة سراية الأقصر وأبى الهول، سراية القرنة، ومن استمر فى السير على ذلك الشاطئ صاعدا إلى الجنوب، شاهد آثار قبر الملك (أوزمندياس) الذى يعزى بناؤه إلى (رمسيس الأكبر)، المسمى (سيزوستريس)، وبعد ذلك بقليل يرى هيكل ميمون، ثم مدينة أبو، وجميع تلك الآثار عبارة عن بقايا عمارات عظيمة بنيت فى أوقات مختلفة.

وخلاصة ذلك أن فى الجهة الشرقية: الكرنك والأقصر، وفى الغربية:

القرنة وقبر أوزمندياس ومدينة أبو، وحول كل جملة من هذه الآثار أطلال سور، وذلك مما يحقق قول استرابون: أن هذه المدينة كانت عبارة عن عدة بلاد متقاربة، وعلى مسافة مد البصر يرى جزؤها الغربى متصلا بجبل الغرب، وفيه مغارات لا حصر لها كانت مقابر الأهالى، وخلف هذا الجبل على حذاء النيل واد به قبور الملوك إذا ثبت هذا الترتيب فى حافظتك، عرفت أن مدينة أمون التى تسميها اليونان المشترى، جزء من تلك المدينة التى على الشاطئ الشرقى، وأن ما على الشاطئ الغربى هو المدينة المعروفة عند اليونان بمدينة الأموات نيكو بوليس، وهذا على اعتقاد المصريين أن جهة الغرب هى جهة الأموات، فإن قلت كيف/كانت تنقل الأموات من شاطئ إلى آخر، هل كان