للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حصل أيضا مثل ذلك من بختنصر حتى أنه أرسل الأهالى إلى مملكة بابل محل ملكه، ثم توالت عليها بعد ذلك الفتن الداخلية من الفراعنة الأهلية بعد نزع تلك الديار من أيدى الفرس، واستيلاء المقدونيين وهم البطالسة، عليها فقد ذكر المؤلف (بوزنياس) أن (بطليموس لاطير)، بعد أن عزل أخاه إسكندر، حاصرها ثلاث سنين بجيوشه، ثم أمر بنهبها وإجراء جميع الموبقات بها، عقابا لأهلها على موافقتهم لحزب والدته، وذلك قبل المسيح باثنتين وثمانين سنة، وقد حصل بعد ذلك دخول الديانة العيسوية، واختصت بالتقدم والأسبقية على الديانة الأصلية فى مدة قياصرة الروم، فحصل للمصريين فى هذه المدة من أبناء الديانة الجديدة، ما أضر بديانتهم وعلومهم وصنائعهم، حتى أخّرهم ذلك عن درجة تقدمهم، وتخربت جميع مدنهم وهجرت معابدهم، لأن عمال القياصرة كانوا على أقل سبب يسطون عليهم، ويخربون منازلهم، ويهدمون مبانيها ويقتلونهم، ومع ذلك فكانت طيبة وقتئذ من المدن الكبيرة، وذكرها بطليموس فى جداوله فى سنة ١٤٠ ميلادية، وقال أنها رأس قسم، وفى زمن القيصر تيودوز سنة ٣٨٩ من الميلاد، تخرب ما بقى من معابدها عندما أمر هذا القيصر بإبطال الديانة القديمة، قال (طيلمون) فى تاريخ القياصرة: إن القيصر تيودوز لم يقتصر على هدم معبد سيرابيس وغيره من معابد الإسكندرية، بل أمر أن تلقى جميع المعابد على الأرض وكذا التماثيل الموجودة بجميع مدن مصر، وما فى القصور والسرايات وبلاد الأرياف، وعلى شاطئ النهر وفى الصحراء، فزالت بذلك الديانة القديمة، وما كان بقى إلى هذا التاريخ من علوم المصريين، وهجرت الكتابة الهيروجليفية التى كانت مودعة فى هذه المبانى، حتى صارت مجهولة.

وفى زمن (أغسطس) أيضا أمر بتخريبها، فخربها عامل له يسمى (غاليومس)، مدعيا أنها مركز للفتنة والفساد، ومن ذاك الوقت انقطع ذكرها