ثم إن من حوادث العباسة ما نقل كترمير عن كتاب:«السلوك» أن الملك الصالح عليا وأخاه السلطان خليلا ابنى السلطان قلاوون خرجا للصيد فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة، فنزلا بناحية العباسة، وكان معهما الأمير بيبرس الفرقانى وجملة من الرماة وأقاموا هناك عدة أيام، واصطاد الملك الصالح على طيرا يسمى «كى»، ثم اجتمعت الرماة فلعبوا الخطة، ونقل أيضا عن بعض مؤرخى العرب أن «الكى» طير يسطو على الأسماك، ونقل عن السيوطى أنه طير معلق فى عنقه جرابه، واستنتج من ذلك أن «الكى» هو الطير المعروف بالرخم، ثم بعد ذلك رمى أخوه الملك خليل طيرا آخر، وبلغ الخبر السلطان، فأرسل يقول:«لمن يدعى الملك الصالح على أى لمن ينتسب ومن أستاذه فى ذلك».
وكانت العادة أن من اصطاد أول مرة وأصاب فى رمى الصيد ينتسب لمن هو أقدم منه فى ذلك، ليكون له أستاذا أو شيخا، فإن لم يقبله من انتسب إليه انتسب لآخر وهكذا، ولا ينتسب إلا لمن له عراقة فى الرمى، أميرا كان أو فقيها أو غيرهما، فانتسب الملك الصالح علىّ إلى السلطان منصور صاحب حماة، وأرسل إليه الطير الذى اصطاده الصالح على مع هدية وخطاب من السلطان وخطاب آخر من الصالح على، فتلقى ذلك بالقبول، ووضع الطير فوق رأسه وكسا النجاب حلة، وأرسل هدية فيها عشرة أنداب من البندق الذهب، كل ندب خمس بندقات، كل بندقة وزنها عشرة دنانير، وعشرون ندبا من البندق الفضة كل بندقة تزن مائة درهم، وبدلة حرير مزركشة بها ألف دينار من الذهب وحياصة مكللة، وجراوة من الذهب بها بندق وعشرون سهما وأشياء أخر، وقيمة الجميع ثلاثون ألف دينار، ويطلق الندب أيضا على خمسة من الرجال، والجراوة مخلاة يوضع فيها بندق الرمى، والخطة - بضم الخاء - لعبة من ألعاب العرب، نقل «كترمير» عن بعض المؤلفين أن العادة لعب الخطة على الطيور المصروعة.