ثم لما ولى الرجل الصالح على باشا على مصر، أمر فى عام سبع وستين صاحب المكس أن يعافى تجار درب الحاج من نصف العشر إكراما لهم، ويأخذ منهم نصف العشر فقط، وجهز مشالا إلى أمير الحاج بعقبة أيلة يأمره بالجهر بالنداء بذلك لجماعة التجار، ففعل ذلك وكثر الدعاء من الوفد وعقب ذلك موته فى سادس صفر الخير عام ثمان وستين.
وينصب بالمناخ سوق كبير فيه من البضائع والفواكه ما لا يوجد فى غيره، وقد يتفق فيه فى بعض الأوقات من كثرة الفواكه والثمار والزبيب والقراصية واللوز الغزى والرمان والعنب والتفاح والكمثرى والجوز المجلوب من غزة والكرك والشوبك والقدس والطور ما لا يوجد فى غيره إلا بأغلى ثمن، ويجلب إليها صحبة الركب الغزى الدبس والدقيق والشعير والزيت والشيرج، وبها الأغنام واللبن والحشيش علوفة الجمال، والتمر الصادق الحلاوة الحسن الرؤية، والعسل النحل، ويباع بها المحكات المأخوذة من البحر المالح، ورأيت بها ملحا أبيض نقيا فى شكل قوالب السكر يباع بسوقها زمن المواسم، لا يشك من رآه أنه سكر طبرزز، فسألت عن صناعته، فأخبرت أنه طل ينزل ليلا، فتوضع القوالب الفخار فى سطوح الخان ليلا فتصبح مملوءة جامدة وتباع، وهذا من غريب ما يحكى، ويوجد بها الخيل والبغال والحمير والجمال، والمحاور والشقادف، وسائر ما يحتاج إليه الركب والرجال الخدمة.
وأيلة آخر حد مصر وأول الحجاز، وبالجملة فهو منهل مغدق على أهل الركب، يحصل لهم به ومنه غاية الرفق من كل مطلوب، حتى ما يلبسه من أصابه البرد من الفراء الغزاوى، والبشوت وغير ذلك.