العرب (درب أبى القزاز) اسم لحفائر ماء حلوة تروى الحاج، ويستغنى بها عن ورود ماء الوجه، وبهذا الطريق أيضا منهل يسمى أم طين، وهى دون أبى القزاز فى الكفاية، وهذه الطريق أطول مسافة من المعتاد مقدار مرحلة، وذكرها ابن العطار فى مختصره، وذكر أنه سلكها، وهذا الطريق مشهور يتداوله السلاك من العرب، وأما الحجاج في مرورهم فلا أعلم أنهم مروا، وإنما تذكر مشايخ الدرك ذلك لبعض الأمراء، فلا يرون سلوكه إلا جسا وخوفا من السراق، وهو توهم لا أصل له، أو لاعتيادهم الطريق المسلوك
(ذكر المقريزى) فى كتابه: (السلوك) أن فى سنة أربع وثلاثين وثمانمائة حفر الأمير شاهين الطويل بئرين بموضع يقال له: زاعم وقبقاب، وذلك أن الحاج كان إذا ورد الوجه تارة يجد فيه الماء وتارة لا يجده، فلما هلك الناس من العطش فى السنة الماضية بعث السلطان شاهين هذا فحفر البئرين بناحية زاعم؛ حتى لا يحتاج الحاج إلى وروده الوجه، فيروى الحاج منها، وعم الانتفاع بها، وبطل سلوك الحاج على طريق الوجه من هذه السنة. انتهى كلامه.
(قلت): وقد عدم الماء أيضا من آبار الوجه بالكلية لشدة توالى المحن/وعدم الحيا بهذا الوجه، وكان امتنع المطر بتلك الأرض مطلقا من مدة تزيد على عشر سنين، بحيث أن أهل تلك الأودية جميعها من العرب ترحلوا عنها وتفرقوا فى البلاد، وغالبهم نزل بريف مصر، ولا يكاد يوجد بتلك الأرض بعد الركب أحد؛ لشدة المحن وتزايد بالينبع جدا، حتى هلكت الماشية وعجفت الجمال، وعجزت عن نقل حب الدشيشة إلى المدينة المنورة لذلك، وقل الماء بالعيون التى بتلك الأراضى، إلى أن منّ الله - وله الحمد - بتوالى الأمطار فى آخر سنة ثلاث وستين، وفى سنة أربع وستين اخضرت الأرض وأعشبت، وصلح حال الحجاز والقرى التى حوله وفى طريقه، وسال وادى الوجه بعد تلك المحن، ولله الحمد.