وبخان الأزلم نوباتجية من الترك والقواسة كغيره، وفيه تحفظ ودائع أهل الركب بالرجعة، ورأيت الباشا به يأخذ معلوما على الودائع، وأفحش ذلك فى سنة ستين وتسعمائة فى ولاية مصطفى باشا، وصاروا أيضا يغالطون الحجيج ببعض الودائع، فكثرت الشكوى فى تلك السنة، وذكروا لأمير الركب أن هذا الخان وما قبله وقفه السلطان الغورى على مصالح الوفد وخزن ودائعهم، وجعل فيه دقيقا لمأكولات من يرد عليه من المنقطعين وأبناء السبيل بطول السنة، ولم يعين لذلك معلوما مطلقا، ولا أذن فى أخذه، فطلب أمير الحاج الباشا وأغلظ عليه، وطلب قاضى المحمل وشهوده ومؤلف هذا الكتاب لتحرير ما أخذه الباشا من الوفد، فكان شيئا له قدر وافر، فأعاده لأربابه، وأمر لهم بأخذ نصف واحد من كل اسم فقط، فإنهم كانوا يأخذون بحسب ما يسنح لهم على كل اسم، هذا ما وقع فى تلك السنة، والله أعلم.
وأرض الأزلم سبخة قليلة النبت كثيرة الأفاعى رديئتها، وأتذكر أننى جلست أكتب على ضوء الشمع فى سنة إحدى وأربعين فى ولاية المرحوم الأمير يوسف الحمزاوى، فقصدتنى أفعى غريبة الشكل فى طول الذراع وأغلظ من الساعد، بوجه مدور كبير، به عينان كالمسمارين، وبرأسها ذؤابتان من الشعر يمينا وشمالا، من فوق قرنين لطيفين كالمعز، فقربت منى لأجل الضوء لأن له إليه ميلا، فرآها الغلمان فأسرعوا وطرحوا عليها طشتا كبيرا، وتحيلوا على قتلها فقتلت، وطيف بها فى الركب للتعجب من شكلها.
وللصلاح الصفدى فى معنى ذلك شعر:
وحية أرض أقفرت جنباتها … إذا ما مشت فى رمله تتدرج
فأقبح بأرض ضبها مات بالظما … وجدول أفعاه بها يتموج