الأعلى، وكان سيره تحت الجبل الغربى، ومنه كان فم البحر اليوسفى الداخل فى بلاد الفيوم، وقد انعدم هذا الفرع الآن بسبب علو الأرض، وانتقل فم البحر اليوسفى فى الأزمان السابقة أيضا إلى النيل، ومن آثار هذا الفرع ما يسمى عند أهالى الأقاليم الوسطى ومديرية الجيزة باللبينى، ثم إنه لم يستمر على ما كان عليه فى الأزمان القديمة، بل صار قطعا متفرقة لكل قطعة منها اسم يخصها، والظاهر أن هذا الفرع هو الذى كان سببا فى وجود هذه المدينة العظيمة.
والمدينة الأخرى التى كانت بالقرب منها المسماة فى كتب مؤلفى الروم:«ديوسبوليس باروا» يعنى طيبة الصغرى، وموضعها الآن قرية (هو)، وقد اندرس هاتان المدينتان فى الأزمان القديمة، وخلفتهما مدينة بطليموسه التى كانت تخت الأقاليم القبلية فى زمن البطالسة، وكانت لا تنقص عن مدينة منفيس - كما قال استرابون - وفيما بعد صار رأس المديرية مدينة جرجا التى أخذ اسمها من اسم مارى جرجس؛ أحد مقدسى النصارى.
وكانت تلك المديرية تشتمل على مائة وإحدى وتسعين قرية، وكان عدد أهلها ثلثمائة وسبعة وأربعين ألفا وخمسة وخمسين نفسا.
ومما ذكرناه يعلم أن هذا الموضع فى جميع الأزمان كان محلا لمدينة عظيمة ومركزا من مراكز الأقاليم القبلية، وقد علم من تحقيقات مرييت فى تاريخه أن مقر فراعنة العائلة الأولى والثانية؛ هو مدينة طين أوطينيس، وهى على قول بركش مدينة كانت بقرب مدينة أبيدوس، أو هى قسم من مدينة أبيدوس، وكانت مدة الأولى مائتين وثلاثا وخمسين سنة، وكان أول فرعون منها قبل المسيح بخمسة آلاف وأربع سنين، ومدة الثانية ثلثمائة سنة واثنتين.