وإبل، فساقوها حتى أتوا موضع مدينة منف، فنزلوه وبنوا فيه قرية سميت بالقبطية «مافه» - يعنى قرية ثلاثين - فنمت ذرية بيصر حتى عمروا الأرض، وزرعوا وكثرت مواشيهم، وظهرت لهم المعادن، فكان الرجل منهم يستخرج القطعة من الزبرجد يعمل منها مائدة كبيرة، ويخرج من الذهب ما تكون القطعة منه مثل الإسطوانة، وكالبعير الرابض.
وقال ابن سعيد عن البيهقى، كان دخول إخوة يوسف وأبويه ﵈ عليه بمدينة العريش، وهى أول أرض مصر لأنه خرج إلى تلقيهم حتى نزل المدينة بطرف سلطانه، وكان له هناك عرش وهو سرير السلطنة فأجلس أبويه عليه، وكانت تلك المدينة تسمى فى القديم بمدينة العرش لذلك، ثم سمتها العامة مدينة العريش فغلب ذلك عليها، ويقال إنه كان ليوسف ﵇ حرس فى أطراف مصر من جميع جوانبها، فلما أصاب الشام القحط وسارت إخوة يوسف لتمتار من مصر، أقاموا بالعريش، وكتب صاحب الحرس إلى يوسف أن أولاد يعقوب الكنعانى يريدون البلد لقحط نزل بهم، فعمل إخوة يوسف عند ذلك عرشا يستظلون به من الشمس حتى يعود الجواب، فسمى الموضع: العريش، وكتب يوسف بالإذن لهم فكان من شأنهم ما قد ذكر فى موضعه.
ويقال للعريش الجفار فهذا كما ترى وابن وصيف شاه (١) أعرف بأخبار مصر، ثم إنه فى سنة خمس عشرة وأربعمائة طرق عبد الله بن إدريس الجعفرى العريش بمعاونة بنى الجراح وأحرقها، وأخذ جميع ما فيها، وقال القاضى الفاضل: وفى جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وخمسمائة ورد الخبر بأن نخل العريش قطع الإفرنج أكثره، وحملوا جذوعه إلى بلادهم وملئت منه، ولم يجدوا مخاطبا على ذلك.
(١) لم يسبق ذكر ابن وصف شاه فى النص، ويبدو أن بالأصل المطبوع اضطربا بهذا الموضع.