المسمى برأس الدلتا، فكان منها عزبة بقرب بحر الشرق تعرف بعزبة البحرية لسكنى العساكر البحرية بها، ومنها عزبة كانت بقرب بحر الغرب، وكانت محلات الميرى مثل التيمرخانه (ورشة اصطناع الحديد)، وورشة ضرب الطوب، ووابور الحمرة ومخزن العموم والطواحين، ومخبز العساكر، ومساكن الإفرنج المهندسين والصناع موزعة على الانتظام بين قنطرتى الشرق والغرب، ولكثرة العساكر الشغالة والمستخدمين بها، كان هناك أسواق دائمة يباع فيها جميع ما يلزم للمقيمين بها، ثم فى بعض السنين حصل فى النيل زيادة فائقة، فنشعت محلات السكن بالمياه، وتهدم أغلب تلك العزب، وانتقلت إلى أماكن أخرى بين البحرين أيضا.
ثم فى أول حكم المرحوم سعيد باشا، جرى التصميم على عمل القلعة السعيدية، وجمع لها العمال والعساكر والمستخدمون، فكثرت بتلك العزب الناس والمبانى، وراجت البضائع، وفى شهر ذى الحجة سنة ثلاث وسبعين حضر المرحوم سعيد باشا لمشاهدة العمل، فلما رأى تلك العزب أمر بإزالتها، فهدمت كلها فى يوم واحد، وتشتت سكانها، وتلف كثير من بضائعهم ومبانيهم، وسكن بعضهم عزبة شلقان المذكورة، وكانت صغيرة فاتسعت، وبعضهم سكن بعزبة المناشى، ولم يبق فى داخل الاستحكامات إلا المبانى الميرية، ثم فى سنة أربع وسبعين هدمت أيضا، لتكميل الاستحكامات وما يلزم لها من الخنادق وخلافها.
وفى سنة خمس وسبعين صار البدء فى استحكامات المناشى، وهدمت القرية التى كانت هناك، وانتقل أكثر أهلها إلى عزبة شلقان، فازدادت أهلها وكثرت مبانيها، حتى صارت بلدة كبيرة مشتملة على أسواق وحوانيت وقهاو وخمارات، وصار يوجد بها جميع البضائع، ويأتى إليها أهل البلاد المجاورة لقضاء حوائجهم منها، وترسو عندها المراكب، فيجد المسافرون جميع لوازمهم.