بما قسم لهم لكل واحد منهم، بحسب حظه من الرزق، والمغاص بها قريب القعر ليس ببعيد، ويستخرجونه فى أصداف لها أرواح كأنها نوع من الحيتان، أشبه شئ بالسلحفاة، فإذا انشقت ظهرت الشفتان من داخلها، كأنهما محارتا فضة، ثم يشقون عليها فيجدون بها الحبة من الجوهر قد غطاها لحم الصدف، فيجتمع لهم/من ذلك بحسب الحظوظ.
وعيذاب لا رطب فيها ولا يابس، عيشهم بها عيش البهائم، فسبحان محبب الأوطان إلى أهلها، على أنهم أقرب إلى الوحش منهم إلى الإنس، والركوب من جدة إليها آفة للحجاج عظيمة، والأقل منهم من يسلم؛ وذلك أن الرياح تلقيهم على الأكثر فى مراسى بصحار يتعدى منها مما يلى الجنوب، فتنزل إليهم البجاة؛ وهم نوع من السودان ساكنون بالجبال، فيكترون منهم الجمال، ويسلكون بهم غير طريق الماء، فربما هلك أكثرهم عطشا، وأخذوا ما معهم من نفقة وسواها، ومن الحجاج من يتعسف تلك المجهلة على قدميه، فيضل ويهلك عطشا، والذى يسلم منهم يصل إلى عيذاب فى أسوأ حال.
وجلاب هذا البحر لا يستعمل بها مسمار البتة، إنما هى مخيطة بأمراس من قشر جوز الهند المسمى بالترجيل، ويخللونها بدسر من عود النخل، فإذا فرغوا من إنشاء الجلبة على هذه الصفة سقوها بالسمن أو بدهن الخروع، وبدهن القرش - وهو أحسنها - والقرش حوت عظيم فى البحر يبتلع الغرقى، وإنما يدهنون الجلاب لتليين عودها وترطيبها لكثرة الشعاب المعترضة فى هذا البحر.