وأخشاب هذه الجلاب مجلوبة من الهند واليمن، وشراعها حصر منسوجة من خوص شجر المقل، فجميعها متناسبة فى اختلاف البنية ووهنها، فسبحان مسخرها على تلك الحال، ولأهل عيذاب فى الحجيج أحكام الطواغيت، لأنهم يشحنون المراكب بهم حتى يجلس بعضهم على بعض كأنها أقفاص الدجاج المملوءة حرصا على الكراء، حتى يستوفى صاحب الجلبة ثمنها فى مرة واحدة، ولا يبالى بصنع البحر فيها.
وأهل عيذاب الساكنون بها طائفة من البجاة، ولهم سلطان من أنفسهم، يسكن معهم فى الجبال المتصلة بها، وربما جاء فى بعض الأحيان وقابل الوالى الذى من جانب الغز إظهارا للطاعة، وطائفة البجاة أضل من الأنعام سبيلا، وأقل عقولا، لا دين لهم سوى كلمة التوحيد، ووراء ذلك من مذاهبهم الفاسدة ما لا ينحصر، وهم عراة يسترون عوراتهم بخرق. انتهى، نقله صاحب كتاب:«درر الفرائد» عن ابن جبير، أحد فضلاء المغرب من غرناطة، من رحلة رحلها من مصر إلى عيذاب، وقد تقدم الكلام على البجاة مبسوطا فى (حرف الباء).
وغرناطة - بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون وبعد الألف طاء مهملة ثم هاء - مدينة بالأندلس كما فى ابن خلكان عند ترجمة القاضى عياض، وقال فى كتاب:(الدرر) أيضا نقلت عن هذا الفاضل المغربى الغرناطى من رحلته التى رحلها من مصر الفسطاط إلى عيذاب، ثم ركب البحر منها إلى ساحل جدة، جملة مما يتعلق ببيان طرقات هذه المسافة ومياهها ومراحلها.