وملخص ذلك أنه قال: كان انفصالنا من مصر الفسطاط، وصعودنا فى النيل على الصعيد قاصدين إلى قوص، يوم الأحد ثالث المحرم سنة تسع وسبعين وخمسمائة، والقرى فى طريقنا متصلة فى شاطئ النيل، وكذا البلاد الكبار، ثم وصف البلاد وبعض القرى فيما بين الفسطاط وقوص، وقال: كان مقامنا فى النيل ثمانية عشر يوما، ودخلنا قوص فى التاسع عشر، وهى محط الرحال ومجمع الرفاق، وملتقى الحجاج المغاربة والمصريين ومن يتصل بهم، ومنها يتوجهون بصحراء عيذاب، وإليها انقلابهم من الحج، قال: وبرزنا منها بعد قضاء مآربنا من زاد وسواه إلى المبرز؛ موضع بقبلى البلد قريبا منه، فسيح الساحة محدق به النخيل، فيه الحاج والتجار ويوزن به ما يحتاج إلى وزنه على الحمالين، ويرحلون منه إلى موضع يعرف بالحاجر تبيت القافلة به، ومنه إلى موضع يعرف بقلاع الضياع، وكان المبيت بموضع يعرف بمحطة اللقيطة، كل ذلك فى صحراء لا عمارة بها، ثم رحلنا غدوة فنزلنا على ماء يعرف بالعبدين؛ يذكر أنهما ماتا عطشا فيه قبل أن يردا فسمى ذلك المحل بهما، وقبراهما به، والإقامة به لتزوّد الماء ثلاثة أيام، وسرنا بصحراء ينبت فيها العشب حيث يحن النيل، والقوافل صادرة وواردة، والمفازة مغمورة بالأمن ثلاثة أيام بلياليها، وينزل يوم الرابع على ماء يعرف بماء برقاش، وهى بئر معينة، يرد فيها من الأنام والأنعام ما لا يحصيهم إلا الله ﷾، ولا يسافر فى هذه الصحراء إلا بالإبل لصبرها على الظمأ، وأحسن ما يركب عليه ذو الرفاهية الشقاديف، وأحسن أنواعها