طوائفه، فعند ذلك تحقق عند شيخ العرب همام أنه مطلوب وأنه لا بد مغلوب، خصوصا مع ما وقع من فشل كبار الهوارة وأقاربه ونفاقهم عليه، فلم يسعه إلا الارتحال من فرشوط، وتركها بما فيها من الخيرات، وذهب إلى جهة إسنا فمات مكمودا مقهورا فى ثامن شعبان من سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف، ودفن فى بلدة تسمى: قولة، عليه رحمة الله، وخلف من الأولاد الذكور ثلاثة، وهم: درويش وشاهين وعبد الكريم.
وبعد موته دخل محمد بيك أبو الذهب فرشوط، وملكها ونهبها، وأخذ جميع ما كان بدوائر همام وأقاربه، وزالت دولة شيخ العرب همام من بلاد الصعيد من ذلك التاريخ، ولما رجع محمد بيك إلى مصر، أخذ معه درويش ابن شيخ العرب، فإنه لما مات أبوه أشاروا عليه بالمقابلة، وانفصل عنه قومه، فمنهم من ذهب إلى درنة، ومنهم من ذهب إلى الروم والشام وغيرها، ولما وصلوا مصر أسكنه محمد بيك فى مكان بالرحبة المقابلة لبيته، وكان يركب لزيارة المشاهد والناس يتفرجون عليه، وكان وجيها طويلا أبيض اللون أسود اللحية جميل الصورة، ثم إن على بيك أعطاه بلاد فرشوط والوقف بشفاعة محمد بيك، وذهب إلى وطنه فلم يحسن السير والتدبير، وأخذ أمره فى الانحلال، وعين عليه من يطالبه بالأموال والذخائر، فأخذوا جميع ما وجدوه، فحضر إلى مصر والتجأ إلى محمد بيك، فأكرمه وأنزله بمنزل بجواره، ولم يزل مقيما به حتى خرج محمد بيك من مصر مغاضبا لأستاذه على بيك، فلحق به وسافر إلى الصعيد - انظر الجبرتى - وقد كتبنا طرفا من ذلك فى مدينة سيوط وغيرها.