للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حجارة شرقى الحصن، احتاج أن يعمل منها جيرا، فلما قلع منها حجرا أو حجرين خرج أهل الفرماء بالسلاح، فمنعوه من قلعها، وقالوا هذه الأبواب التى قال الله فيها على لسان يعقوب : ﴿يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾ (١).

والفرماء بها النخل العجيب، الذى يثمر حين ينقطع البسر والرطب من سائر الدنيا، فيبتدئ هذا الرطب حين يأتى كوانين، فلا ينقطع أربعة أشهر حتى يجئ الثلج فى الربيع، وهذا لا يوجد فى بلد من البلدان، لا بالبصرة ولا بالحجاز ولا باليمن ولا بغيرها، ويكون فى هذا البسر ما وزن البسرة الواحدة فوق العشرين درهما، وفيه ما طول البسرة نحو الشبر والفتر.

وقال ابن الكندى أيضا: وبها مجمع البحرين، وهو البرزخ الذى ذكره الله ﷿ فقال: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ (١٩) بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ﴾ (٢) وقال: ﴿وَ جَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً﴾ (٣) وهما بحر الروم وبحر الصين، والحاجز بينهما مسيرة ليلة ما بين القلزم والفرماء، وليس يتقاربان فى بلد من البلدان أقرب منهما بهذا الموضع، وبينهما فى السفر مسيرة شهور.

وقال ابن المأمون البطانحى فى حوادث سنة تسع وخمسمائة أن يغدونى ملك الإفرنج، وصل إلى أعمال الفرماء، فسير إليه الأفضل ابن أمير الجيوش العساكر مع والى الشرقية، فلما تواصلت العساكر، وعلم يغدونى أن العساكر متواصلة إليه، وتحقق أن الإقامة لا تمكنه، أمر أصحابه بالنهب والتخريب والإحراق، وهدم المساجد، فأحرق


(١) سورة يوسف، الآية ٦٧.
(٢) سورة الرحمن، الآية ١٩، ٢٠.
(٣) سورة النمل، الآية ٦١.